﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ﴾ وعطفوا هنا كما عطفوا في قوله: ﴿ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا﴾ واللام في ﴿لتجدن﴾ هي الملتقى بها القسم المحذوف.
وقال ابن عطية: هي لام الابتداء، وليس بمرضيّ.
وتعلق ﴿للذين آمنوا﴾ الأول بعداوة والثاني بمودة. وقيل هما في موضع النعت.
و﴿من﴾ في ﴿من الدمع﴾ قال أبو البقاء: فيه وجهان أحدهما: أن مِن لابتداء الغاية أي فيضها من كثرة الدموع والثاني: أن يكون حالاً، والتقدير تفيض مملوءة من الدمع مما عرفوا من الحق، ومعناها من أجل الذي عرفوه، و﴿من الحق﴾ حال من العائد المحذوف أو حال من ضمير الفاعل في عرفوا.
وقيل: ﴿من﴾ في ﴿من الدمع﴾ بمعنى الباء أي بالدمع.
وقال الزمخشري: ﴿من الدمع﴾ من أجل البكاء من قولك دمعت عينه دمعاً.
(فإن قلت): أي فرق بين مِن ومِن في قوله: ﴿مما عرفوا من الحق﴾ (قلت): الأول لابتداء الغاية على أن فيض الدمع ابتدأ ونشأ من معرفة الحق، وكان من أجله وسببه، والثانية لتبيين الموصول الذي هو ما عرفوا، ويحتمل معنى التبعيض على أنهم عرفوا بعض الحق فأبكاهم، انتهى.
والجملة من قوله: ﴿وإذا سمعوا﴾ تحتمل الاستئناف، وتحتمل أن تكون معطوفة على خبر إنهم.
و﴿يقولون﴾ في موضع نصب على الحال، قاله ابن عطية وأبو البقاء، ولم يبينا ذا الحال ولا العامل فيها، ولا جائز أن يكون حالاً من الضمير في أعينهم لأنه مجرور بالإضافة لا موضع له من رفع ولا نصب إلا على مذهب من ينزل الخبر منزلة المضاف إليه، وهو قول خطأ، وقد بينا ذلك في كتاب منهج السالك من تأليفنا، ولا جائز أن يكون حالاً من ضمير الفاعل في ﴿عرفوا﴾ لأنها تكون قيداً في العرفان وهم قد عرفوا الحق في هذه الحال وفي غيرها، فالأولى أن تكون مستأنفة.