وقال الزمخشري: (فإن قلت): كيف موقع قوله ﴿يعلم سركم وجهركم﴾ (قلت): إن أراد المتوحد بالإلهية كان تقريراً له، لأن الذي استوى في علمه السرّ والعلانية، هو الله وحده وكذلك إذا جعلت ﴿في السماوات﴾ خبراً بعد خبر وإلا فهو كلام مبتدأ أو خبر ثالث، انتهى، وهذا على مذهب من يجيز أن يكون للمبتدأ أخباراً متعددة.
﴿ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ ءَايَتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ والجملة من قوله: ﴿كانوا﴾ ومتعلقها في موضع الحال فيكون ﴿تأتيهم﴾ ماضي المعنى لقوله: ﴿كانوا﴾ أو يكون ﴿كانوا﴾ مضارع المعنى لقوله: ﴿تأتيهم﴾ وذو الحال هو الضمير في ﴿تأتيهم﴾، ولا يأتي ماضياً إلا بأحد شرطين أحدهما: أن يسبقه فعل كما في هذا الآية، والثاني أن تدخل على ذلك الماضي قد نحو ما زيد إلا قد ضرب عمراً.
﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ﴾ والظاهر أن ما في قوله: ﴿لما كانوا﴾ موصولة اسمية بمعنى الذي والضمير في ﴿به﴾ عائد عليها. وقال ابن عطية: يصح أن تكون مصدرية التقدير ﴿أنباء﴾ كونهم مستهزئين فعلى هذا يكون الضمير في ﴿به﴾ لا على مذهب الأخفش حيث زعم أن ﴿ما﴾ المصدرية اسم لا حرف، ولا ضرورة تدعو إلى كونها مصدرية.
﴿أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّهُمْ فِى الأٌّرْضِ﴾ و﴿يروا﴾ هنا بمعنى يعلموا، لأنهم لم يبصروا هلاك القرون السالفة و﴿كم﴾ في موضع المفعول بـ﴿أهلكنا﴾ و﴿يروا﴾ معلقة والجملة في موضع مفعولها، و﴿من﴾ الأولى لابتداء الغاية و﴿من﴾ الثانية للتبعيض، والمفرد بعدها واقع موقع الجمع ووهم الحوفي في جعله ﴿من﴾ الثانية بدلاً من الأولى.