﴿وَأَرْسَلْنَا السَّمَآءَ عَلَيْهِم مَّدْرَاراً﴾ و﴿السماء﴾ السماء المظلة قالوا: لأن المطر ينزل منها إلى السحاب، ويكون على حذف مضاف أي مطر ﴿السماء﴾ ويكون ﴿مدراراً﴾ حالاً من ذلك المضاف المحذوف. وقيل: ﴿السماء﴾ المطر وفي الحديث: «في أثر سماء كانت من الليل»، وتقول العرب: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم، يريدون المطر وقال الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قوم
رغيناه وإن كانوا غضبانا
﴿ومدراراً﴾ على هذا حال من نفس ﴿السماء﴾. وقيل: ﴿السماء﴾ هنا السحاب ويوصف بالمدرار، فمدراراً حال منه.
﴿فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ﴾ و﴿سخروا﴾ استهزؤوا إلا أن استهزأ تعدّى بالباء وسخر بمن كما قال: ﴿إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون﴾ وبالباء تقول: سخرت به وتكرر الفعل هنا لخفة الثلاثي ولم يتكرر في ﴿ولقد استهزىء﴾ فكان يكون التركيب، ﴿فحاق بالذين﴾ استهزؤوا بهم لثقل استفعل، والظاهر في ﴿ما﴾ أن تكون بمعنى الذي وجوّزوا أن تكون ﴿ما﴾ مصدرية، والظاهر أن الضمير في ﴿منهم﴾ عائد على الرسل، أي ﴿فحاق بالذين سخروا﴾ من الرسل وجوز الحوفي وأبو البقاء أن يكون عائداً على غير الرسل. قال الحوفي: في أمم الرسل. وقال أبو البقاء: على المستهزئين، ويكون ﴿منهم﴾ حالاً من ضمير الفاعل في ﴿سخروا﴾ وما قالاه وجوزاه ليس بجيد، أما قول الحوفي فإن الضمير يعود على غير مذكور وهو خلاف الأصل، وأما قول أبي البقاء فهو أبعد لأنه يصير المعنى: ﴿فحاق بالذين سخروا﴾ كائنين من المستهزئين فلا حاجة لهذه الحال لأنها مفهومة من قوله ﴿سخروا﴾ وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة بكسر دال ﴿ولقد استهزىء﴾ على أصل التقاء الساكنين. وقرأ باقي السبعة بالضم اتباعاً ومراعاة لضم التاء إذ الحاجز بينهما ساكن، وهو حاجز غير حصين.


الصفحة التالية
Icon