الثالث: أن يكون منصوباً على الحال من الضمير المستكن في: ويكلم، فيكون معطوفاً على قوله: وكهلاً، أي: ويكلم الناس طفلاً وكهلاً ورسولاً إلى بني إسرائيل، قاله ابن عطية، وهو بعيد جداً لطول الفصل بين المتعاطفين.
الرابع: أن تكون الواو زائدة، ويكون هالاً من ضمير: ويعلمه، قاله الأخفش، وهو ضعيف لزيادة الواو، لا يوجد في كلامهم: جاء زيد وضاحكاً، أي: ضاحكاً.
الخامس: أن يكون منصوباً على إضمار فعل من لفظ رسول، ويكون ذلك الفعل معمولاً لقول من عيسى، التقدير: وتقول أرسلت رسولاً إلى بني إسرائيل، واحتاج إلى هذا التقدير كله، لقوله: ﴿أني قد جئتكم﴾ وقوله: ﴿ومصدقاً لما بين يدي﴾، إذ لا يصح في الظاهر حمله على ما قبله من المنصوبات لاختلاف الضمائر، لأن ما قبله ضمير غائب، وهذا أن ضمير متكلم، فاحتاج إلى هذا الإضمار لتصحيح المعنى. قاله الزمخشري، وقال: هو من المضايق، يعني من المواضع التي فهيا إشكال. وهذا الوجه ضعيف، إذ فيه إضمار القول ومعموله الذي هو: أرسلت، والاستغناء عنهما باسم منصوب على الحال المؤكدة، إذ يفهم من قوله: وأرسلت، أنه رسول، فهي على هذا التقدير حال مؤكدة.
فهذه خمسة أوجه في إعراب: ورسولاً، أولاها الأول، إذ ليس فيه إلاَّ إضمار فعل يدل عليه المعنى، أي: ويجعله رسولاً، ويكون قوله ﴿أني قد جئتكم﴾ معمولاً لرسول، أي ناطقاً بأني قد جئتكم، على قراءة الجمهور، ومعمولاً لقول محذوف على قراءة من كسر الهمزة، وهي قراءة شاذة، أي: قائلاً إني قد جئتكم، ويحتمل أن يكون محكياً بقوله: ورسولاً، لأنه في معنى القول، وذلك على مذهب الكوفيين.
وقرأ اليزيدي: ورسولٍ، بالجر، وخرجه الزمخشري على أنه معطوف على: بكلمة منه، وهي قراءة شاذة في القياس لطول البعد بين المعطوف عليه والمعطوف.
ويجوز أن يكون: من ربكم، في موضع الصفة، لأنه يتعلق بمحذوف، ويجوز أن يتعلق: بجئتكم، أي: جئتكم من ربكم بآية.


الصفحة التالية
Icon