وقد حكى أبو الحسن بن كيسان نصب الفعل المستفهم عنه محقق الوقوع، نحو: أين ذهب زيد فنتبعه؟ وكذلك في: كم مالك فنعرفه؟ و: من أبوك فنكرمه؟ لكنه يتخرج على ما سبق ذكره من أن التقدير: ليكن منك إعلام بذهاب زيد فاتباع منا. و: ليكن منك إعلام بقدر مالك فمعرفة منا. و: ليكن منك إعلام بأبيك فاكرام منا له.
وقرأ عبيد بن عمير: لم تلبسوا، وتكتموا، بحذف النون فيهما، قالوا: وذلك جزم، قالو: ولا وجه له سوى ما ذهب إليه شذوذ من النحاة في إلحاق: لِمَ بلم في عمل الجزم. وقال السجاوندي: ولا وجه له إلاَّ أن: لم، تجزم الفعل عند قوم كلم. إنتهى. والثابت في لسان العرب أن: لَم، لا ينجزم ما عدها، ولم أر أحداً من النحويين ذكر أن لِمَ تجري مجرى: لَمُ في الجزم إلا ما ذكره أهل التفسير هنا، وإنما هذا عندي من باب حذف النون حالة الرفع، وقد جاء ذلك في النثر قليلاً جداً، وذلك في قراءة أبي عمر، ومن بعض طرقه قالوا: ساحران تظاهرا، تتشديد الظائ، أي أنتما ساحران تتظاهرن فأدغم التاء في الظاء وحذف النون، وأما في النظم، فنحو: قول الراجز:
أبيت أسرى وتبيتي تدلكي
يريد: وتبيتين تدلكين. وقال:
فإن يك قوم سرهم ما صنعتمو
ستحتلبوها لاقحاً غير باهل والظاهر أنه أنكر عليهم لبس الحق بالباطل، وكتم الحق، وكأن الحق منقسم إلى قسمين: قسم خلطوا فيه الباطل حتى لا يتميز، وقسم كتموه بالكلية حتى لا يظهر.
﴿وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ جملة حالية.