وقال أبو علي: لم يرد الخليل بقوله: بمنزلة الذي أنها موصولة، بل أنها السم، كما أن الذي اسم وفرَّ أن تكون حرفاً كما جاءت حرفاً: ﴿وإن كلا لما ليوفينهم﴾ وفي قوله: ﴿وإن كل ذلك لما متاع﴾ انتهى. وتحصل من كلام الخليل وسيبويه أن: ما، في: لما أتيتكم، شرطية وقد خرجها على الشرطية غير هؤلاء: كالمازني، والزجاج، وأبي علي، والزمخشري، وابن عطية وفيه خدش لطيف جدّاً، وهو أنه: إذا كانت شرطية كان الجواب محذوفاً لدلالة جواب القسم عليه، وإذا كان كذلك فالمحذوف من جنس المثبت، ومتعلقاته متعلقاته، فإذا قلت: والله لمن جاءني لأكرمنه، فجواب: مَنْ، محذوف، التقدير: من جاءني أكرمه. وفي الآية اسم الشرط: ما، وجوابه محذوف من جنس جواب القسم، وهو الفعل المقسم عليه، ومتعلق الفعل هو ضمير الرسول بواسطة حرف الجر لا ضمير: ما، المقدّر، فجواب: ما، المقدّر إن كان من جنس جواب القسم فلا يجوز ذلك، لأنه تعّز. والجملة الجوابية إذ ذاك من ضمير يعود على اسم الشرط، وإن كان من غير جنس جواب القسم فيكف يدل عليه جواب القسم وهو من غير جنسه وهو لا يحذف إلاَّ إذا كان من جنس جواب القسم؟ ألا ترى أنك لو قلت: والله لئن ضربني زيد لأضربنه؟ فكيف تقدره: إن ضربني زيد أضربه؟ ولا يجوز أن يكون التقدير: والله إن ضربني زيد أشكه لأضربنه، لأن: لأضربنه، لا يدل على: أشكه، فهذا ما يرد على قول من خرج: ما، على أنها شرطية.