قال: وجواب تلشرط في قوله المتقدم ﴿وأطيعوا﴾ هذا مذهب سيبويه ومذهب أبي العباس أن الجوابَ محذوف متخر يدلّ عليه المتقدم تقديره ﴿إن كنتم مؤمنين أطيعوا﴾ ومذهبه في هذا أن لا يتقدّم الجواب على الشرط انتهى. والذي مخالف لكلام النحاة فإنهم يقولون إن مذهب سيبويه أن الجواب محذوف وأن مذهب أبي العباس وأبي زيد الأنصاري والكوفيين جواز تقديم جواب الشرط عليه وهذا النقل هو الصحيح.
ويحتمل أن يكون ذكر اللهإِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} على حذف مضاف أي ذكرت عظمة الله وقدرته وما خوف به من عصاه قاله الزجاج.
الظاهر أن قوله ﴿وعلى ربهم يتوكلون﴾ داخل في صلة ﴿الذين﴾ كما قلنا قبل، وقيل هو مستأنف.
الأحسن أن يكون الذينالَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَمِمَّا رَزَقْنَهُمْ يُنفِقُونَ} صفة للذين السابقة حتى تدخل في حيّز الجزئية فيكون ذلك إخباراً عن المؤمنين بثلاث الصكفة القلبية وعنهم بالصفة البدنية والصفة المالية وجمع أفعال القلوب لأنها أشرف وجمع في أفعال الجوارح بين الصلاة والصدقة لأنهما عموداً أفعال وأجاز الحوفي والبريزي أن يكون ﴿الذين﴾ بدلاً من ﴿الذين﴾ وأن يكون خبر مبتدأ محذوف.
قال ابن عطيّة حقًّاأُوْلئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} مصدر مؤكد كذا نص عليه سيبويه وهو المصدر غير المنتقل والعامل فيه أحقّ ذلك حقاً انتهى، ومعنى ذلك أنه تأكيد لما تضمنته الجملة من الإسناد الخبري وأنه لا مجاز في ذلك الإسناد. وقال الزمخشري ﴿حقاً﴾ صفة للمصدر المحذوف أي ﴿أولئك هم المؤمنون﴾ إيماناً حقًّا وهو مصدر مؤكد للجملة التي هي أولئك هم المؤمنون كقوله هو عبد الله حقاً أي حقّ ذلك حقاً.


الصفحة التالية
Icon