﴿وفوق﴾ قال الأخفش: زائدة أي فاضربوا الأعناق وهو قول عطية والضحاك ﴿فيكون الأعناق﴾ هي المفعول باضربوا هذا ليس بجيد لأن ﴿فوق﴾ اسم ظرف والأسماء لا تزاد، وقال أبو عبيدة: ﴿فوق﴾ بمعنى على تقول ضربته فوق الرأس وعلى الرأس ويكون مفعول ﴿فاضربوا﴾ على هذا محذوفاً أي فاضربوهم فوق الأعناق وهذا قول حسن لا بقاء ﴿فوق﴾ على معناها من الظرفية. وقال ابن قتيبة ﴿فوق﴾ بمعنى دون قال ابن عطية: وهذا خطأ بيّن وإنما دخل عليه اللبس من قوله ﴿بعوضة فما فوقها﴾ في القلّة والصغر فأشبه المعنى دون انتهى. وعلى قولابن قتيبة يكون المفعول محذوفاً أي فاضربوهم، وقال عكرمة: ﴿فوق﴾ على بابها وأراد الرؤوس إذ هي ﴿فوق الأعناق﴾، قال الزمخشري: يعني ضرب الهام. قال الشاعر:
واضرب هامة البطل المشيح
وقال آخر:
غشيته وهو في جأواه باسلة
عضباً أصاب سوء الرأس فانفلقا انتهى. وقال ابن عطية: وهذا التأويل أنبلها ويحتمل عندي أن يريد بقوله ﴿فوق الأعناق﴾ وصف أبلغ ضربات العنق وأحكمها وهي الضربة التي تكون فوق عظم العنق ودون عظم الرأس في المفصل.
فإن كان قول عكرمة تفسير معنى فحسن ويكون مفعول ﴿فاضربوا﴾ محذوفاً وإن كان أراد أنّ ﴿فوق﴾ هو المضروب فليس بجيّد لأن فوق من الظروف التي لا يتصرف فيها لا تكون مبتدأة ولا مفعولاً بها ولا مضافاً إليها إنما يتصرف فيها بحرف جر كقوله ﴿من فوقهم ظلل﴾ هذا هو الصحيح في ﴿فوق﴾ وقد أجاز بعضهم أن يكون ﴿فوق﴾ في الآية مفعولاً به وأجاز فيها التصرّف قال: تقول فوقك رأسك بالرفع وفوقك قلنسوتك بالنصب ويظهر هذا القول من الزمخشري قال: ﴿فوق الأعناق﴾ أراد أعالي الأعناق التي هي المذابح لأنها مفاصل فكان إيقاع الضرب فيها جزّاً وتطييراً للرأس انتهى.