وبقوله ﴿ذلكم﴾فحمله قوم على أنه خطاب للمؤمنين ويؤيده قوله ﴿فقد جاءكم الفتح﴾ وقال الأكثرون هي خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم.
وكان الضمير ظاهره العود على المؤمنين.
وأبعد من ذهب إلى أنه نداء وخطاب لبني إسرائيل لأنه أيضاً يكون أجنبياً من الآيات وأصل ولا تولوايأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} ولا تتولوا، وتقدّم الخلاف في حرف التاء في نحو هذا أهي حرف المضارعة أم تاء تفعل والضمير في ﴿عنه﴾ قال الزمخشري لرسول الله لأنّ المعنى وأطيعوا رسول الله كقوله ﴿والله ورسوله أحق أن ترضوه﴾ ولأن طاعة الرسول وطاعة الله شيء واحد من يطع الرسول فقد أطاع الله فكان رجوع الضمير إلى أحدهما كرجوعه إليهما كقولك الإحسان والإجمال لا ينفع في فلان ويجوز أن يرجع إلى الأمر بالطاعة.
وإنما عاد على الرسول لأنّ التولي إنما يصح في حقّ الرسول بأن يعرضوا عنه وهذا على أن يكون التولي حقيقة وإذا عاد على الأمر كان مجازاً، وقيل هو عائد على الطاعة، وقيل هو عائد على الله، وقال الكرماني ما معناه إنه لما لم يطلق لفظ التثنية على الله وحده لم يجمع بينه تعالى وبين غيره في ضميرها بخلاف الجمع فإنه أطلق على لفظة تعظيماً فجمع بينه وبين غيره في ضميره ولهذا نظائر في القرآن منها ﴿إذا دعاكم﴾ ومنها ﴿أن يرضوه﴾ ففي الحديث ذمّ من جمع في التثنية بينهما في الضمير وتعليمه أن يقول: ومن عصى الله ورسوله ﴿وأنتم تسمعون﴾ جملة حالية.


الصفحة التالية
Icon