وقيل: اللام بمعنى إلى ويتعلّق باستجيبوا فلذلك قدّره بإلى حتى يتغاير مدلول اللام فيتعلق الحرفان بفعل واحد.
وقرأ ابن أبي إسحاق: بين المرءوَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} بكسر الميم اتباعاً لحركة الإعراب إذ في المرء لغتان: فتح الميم مطلقاً واتباعها حركة الإعراب، وقرأ الحسن والزهري: بين المرّ بتشديد الراء من غير همز ووجهه أنه نقل حركة الهمزة إلى الراء وحذف الهمزة ثم شدّدها كما تشدّد في الوقف وأجرى الوصل مجرى الوقف وكثيراً ما تفعل العرب ذلك تُجري الوصل مجرى الوقف، وهذا توجيه شذوذ ﴿وأنه إليه تحشرون﴾ الظاهر أن الضمير في ﴿أنه﴾ عائد إلى الله ويحتمل أن يكون ضمير الشأن ولما أمرهم بأن يعلموا قدرة الله وحيلولته بين المرء ومقاصد قلبه أعلمهم بأنه تعالى إليه يحشرهم فيثيبهم على أعمالهم فكان في ذلك تذكار لما يؤول إليه أمرهم من البعث والجزاء بالثواب والعقاب.
هذا الخطاب ظاهره العموم باتقاء الفتنة التي لا تختصّ بالظالم بل تعمّ الصالح والطالح.
وقيل الخطاب للصحابة، وقيل لأهد بدر، وقيل لعلي وعمار وطلحة والزبير، وقيل لرجلين من قريش قاله أبو صالح عن ابن عباس ولم يسمّهما.
وقال الزبير بن العوام يوم الجمل: ما علمت أنا أُردنا بهذه الآية إلا اليوم وما كنت أظنها إلا فيمن خوطب بها في ذلك الوقت والجملة من قوله لا تصيبنوَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً} خبريّة صفة لقوله فتنة أي غير مصيبة الظالم خاصة إلا أن دخول نون التوكيد على المنفى بلا مختلف فيه، فالجمهور لا يجيزونه ويحملون ما جاء منه على الضرورة أو الندور والذي نختاره الجواز وإليه ذهب بعض النحويين وإذا كان قد جاء لحاقها الفعل مبنياً بلا مع الفصل نحو قوله:
فلاذا نعيم يتركن لنعيمه
وإن قال قرظني وخذ رشوة أبي
ولا ذا بئيسن يتركن لبؤسه


الصفحة التالية
Icon