ولفظه إنما إنْ كانت وضعت للحصر فالحصر مستفاد من لفظها، وإن كانت لم توضع للحصر فالحصر مستفاد من الأوصاف، إذ مناط الحكم بالوصف يقتضي التعليل به، والتعليل بالشيء يقتضي الاقتصار عليه. والظاهر أنّ مصرف الصدقات هؤلاء الأصناف. والظاهر أن العطف مشعر بالتغاير، فتكون الفقراء عين المساكين. والظاهر بقاء هذا الحكم للأصناف الثمانية دائماً، إذ لم يرد نص في نسخ شيء منها. والظاهر أنه يعتبر في كل صنف منها ما دل عليه لفظه إن كان موجوداً، والخلاف في كل شيء من هذه الظواهر.
وأما قوله وفي الرقاب فالتقدير: وفي فك الرقاب فيعطي ما حصل به فك الرقاب من ابتداء عتق يشتري منه العبد فيعتق، أو تخليص مكاتب أو أسير.
انتصب فريضة لأنه في معنى المصدر المؤكد، لأن قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء، معناه فرض من الله الصدقات لهم. وقرىء فريضة بالرفع على تلك فريضة انتهى. وقال الكرماني وأبو البقاء: فريضة حال من الضمير في الفقر، أي مفروضة. قال الكرماني: كما تقول هي لك طلقاً انتهى. وذكر عن سيبويه أنها مصدر، والتقدير: فرض الله الصدقات فريضة. وقال الفراء: هي منصوبة على القطع. والله عليم حكيم، لأن ما صدر عنه هو عن علم منه بخلقه وحكمة منه في القسمة، أو عليم بمقادرير المصالح، حكيم لا يشرع إلا ما هو الأصلح.
الاعتذار التنصل من الذنب، فقيل: أصله المحو، من قولهم: اعتذرت المنازل ودرست، فالمعتذر يحاول إزالة ذنبه. قال ابن أحمر:
قد كنت تعرف آيات فقد جعلت
إطلال إلفك بالوعساء تعتذر وعن ابن الأعرابي: إنّ الاعتذار هو القطع، ومنه عذرة الجارية لأنها تعذر أي تقطع، واعتذرت المياه انقطعت، والعذر سبب لقطع الذم. عدن بالمكان يعدن عدونا أقام، قاله: أبو زيد وابن الأعرابي. قال الأعشى:
وإن يستضيفوا إلى حلمه