قال ابن عطية: جاء ينظر على لفظ من، وإذا جاء الفعل على لفظها فجائز أن يعطف عليه آخر على المعنى، وإذا جاء أولاً على معناها فلا يجوز أن يعطف عليه بآخر على اللفظ، لأن الكلام يلبس حينئذ انتهى. وليس كما قال، بل يجوز أن تراعى المعنى أولاً فتعيد الضمير على حسب ما تريد من المعنى من تأنيث وتثنية وجمع، ثم تراعي اللفظ فتعيد الضمير مفرداً مذكراً، وفي ذلك تفصيل ذكر في علم النحو.
قال ابن عطية: ويوم ظرف، ونصبه يصح بفعل مضمر تقديره: واذكر. ويصح أن ينتصب بالفعل الذي يتضمنه قوله: كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار، ويصح نصبه بيتعارفون، والكاف من قوله: كأن، يصح أنْ تكون في موضع الصفة لليوم، ويصح أن تكون في موضع نعت للمصدر كأنه قال: ويوم نحشرهم حشراً كأن لم يلبثوا، ويصح أن يكون قوله: كأن لم يلبثوا في موضع الحال من الضمير في نحشرهم انتهى. أما قوله: ويصح أن ينتصب بالفعل الذي يتضمنه كأن لم يلبثوا فإنه كلام مجمل لم يبين الفعل الذي يتضمنه كأن لم يلبثوا، ولعله أراد ما قاله الحوفي: من أن الكاف في موضع نصب بما تضمنت من معنى الكلام وهو السرعة انتهى. فيكون التقدير: ويوم نحشرهم يسرعون كأن لم يلبثوا، وأما قوله: والكاف من قوله كأن، يصح أن تكون في موضع الصفة لليوم، فلا يصح لأنّ يوم نحشرهم معرفة، والجمل نكرات، ولا تنعت المعرفة بالنكرة. لا يقال: إنّ الجمل الذي يضاف إليها أسماء الزمان نكرة على الإطلاق، لأنها إن كانت في التقدير تنحل إلى معرفة، فهن ما أضيف إليها يتعرف وإن كانت تنحل إلى نكرة كان ما أضيف إليه انكرة، تقول: مررت في يوم قدم زيد الماضي، فتصف يوم بالمعرفة، وجئت ليلة قدم زيد المباركة علينا. وأيضاً فكأن لم يلبثوا لا يمكن أن يكون صفة لليوم من جهة المعنى، لأنّ ذلك من وصف المحشورين لا من وصف يوم حشرهم. وقد تكلف بعضهم تقدير محذوف بربط فقدره: كأن لم يلبثوا قبله، فحذف قبله أي قبل اليوم،