وقرأ أبو عمرو، ومجاهد وأصحابه، وابن القعقاع: بهمزة الاستفهام في قوله: آلسحر ممدودة، وباقي السبعة والجمهور بهمزة الوصل، فعلى الاستفهام قالوا: يجوز أن تكون ما استفهامية مبتدأ، والسحر بدل منها،. وأن تكون منصوبة بمضمر تفسيره جئتم به، والسحر خبر مبتدأ محذوف. ويجوز عندي في هذا الوجه أن تكون ما موصولة مبتدأة، وجملة الاستفهام خبر، إذ التقدير: أهو السحر، أو آلسحر هو، فهو الرباط كما تقول: الذي جاءك أزيد هو؟ وعلى همزة الوصل جاز أن نكون ما موصولة مبتدأة، والخبر السحر، ويدل عليه قراءة عبد الله والأعمش: سحر. وقراءة أبيّ ما أتيتم به سحر. ويجوز عندي أن تكون في هذا الوجه استفهامية في موضع رفع بالابتداء، أو في موضع نصب على الاشتغال، وهو استفهام على سبيل التحقير والتعليل لما جاؤوا به، والسحر خير مبتدأ محذوف أي: هو السحر. قال ابن عطية: والتعريف هنا في السحر ارتب، لأنه قد تقدم منكراً في قولهم: إن هذا لسحر، فجاء هنا بلام العهد كما يقال: أول الرسالة سلام عليك، وفي آخرها والسلام عليك انتهى. وهذا أخذه من الفراء. قال الفراء: وإنما قال السحر بالألف واللام، لأن النكرة إذا أعيدت أعيدت بالألف واللام، ولو قال له من رجل لم يقع في وهمه أنه يسأله عن الرجل الذي ذكر له انتهى. وما ذكراه هنا في السحر ليس هو من باب تقدم النكرة، ثم أخبر عنها بعد ذلك، لأن شرط هذا أن يكون المعرّف بالألف واللام هو النكرة المتقدم، ولا يكون غيره كما قال تعالى: كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول وتقول: زارني رجل فأكرمت الرجل، ولما كان إياه جاز أن يأتي بالضمير بدله فتقول: فأكرمته. والسحر هنا ليس هو السحر الذي هو في قوله: أنّ هذا لسحر، لأن الذي أخبروا عنه بأنه سحر هو ما ظهر على يدي موسى عليه السلام من معجزة العصا، والسحر الذي في قول موسى إنما هو سحرهم الذي جاؤوا به.


الصفحة التالية
Icon