لا جرم مذهب الخليل وسيبويه أنهما ركبا من لا وجرم، وبنيا، والمعنى: حق، وما بعده رفع به على الفاعلية. وقال الحوفي: جرم منفي بلا بمعنى حق، وهو مبني مع لا في موضع رفع بالابتداء، وأنهم في موضع رفع على خبر جرم. وقال قوم: إنّ جرم مبنية مع لا على الفتح نحو قولك: لا رجل، ومعناها لا بد ولا محالة. وقال الكسائي: معناها لا ضد ولا منع، فتكون اسم لا وهي مبنية على الفتح كالقول الذي قبله، وتكون جرم هنا من معنى القطع، نقول: جرمت أي قطعت. وقال الزجاج: لا تركيب بينهما ولا ردّ عليهم. ولما تقدّم من كل ما قبلها مما قالوا: إن الأصنام تنفعهم. وجرم فعل ماض معناه كسب، والفاعل مضمر أي كسب، هو أي: فعلهم، وإنّ وما بعدها في موضع نصب على المفعول به، وجرم القوم كاسبهم. وقال الشاعر:
نصبنا رأسه في جذع نخل
بما جرمت يداه وما اعتدينا وقال آخر:
جريمة ناهض في رأس نيق
ترى لعظام ما جمعت صليبا ويقال: لا جرم بالكسر، ولا جر يحذف الميم. قال النحاس: وزعم الكسائي أنّ فيها أربع لغات: لا جرم، ولا عن ذا جرم، ولا أن ذا جرم، قال: ونا سمن فزارة يقولون: لا جرم. وحكى الفراء فيه لغتين أخريين، قال: بنو عامر يقولون: لا ذا جرم، وناس من العرب يقولون: لا جرم بضم الجمي. وقال الجبائي في نوادره: حكى عن فزارة لا جرّ والله لا أفعل ذاك، قال: ويقال لا ذا جرم، ولا ذو جرم، ولا عن ذا جرم، ولا أن ذا جرم، ولا أن جرم، ولا عن جرم، ولا ذا جر، والله بغير ميم لا أفعل ذاك. وحكى بعضهم بغير لا جرم: أنك أنك فعلت ذاك، وعن أبي عمرو: لأجرم أنّ لهم النار على وزن لا كرم، ولا جر حذفوه لكثرة الاستعمال كما قالوا: سو ترى يريدون سوف ترى.
انتصب مثلاً على التمييز، قال ابن عطية: ويجوز أن يكون حالاً انتهى. وفيه بعد، والظاهر التمييز وأنه منقول من الفاعل أصله: هل يستوي مثلاهما.


الصفحة التالية
Icon