واعتراك جملة محكية بنقول، فهي في موضع المفعول، وإني بريء تنازع فيه أشهد واشهدوا، وقد يتنازع المختلفان في التعدي الاسم الذي يكون صالحاً، لأن يعملا فيه تقول أعطيت زيداً ووهبت لعمرو ديناراً، كما يتنازع اللازم والمتعدي نحو: قام وضربت زيداً. وما في ما تشركون موصولة، إما مصدرية، وإما بمعنى الذي أي: بريء من إشراككم آلهة من دونه، أو من الذين تشركون، وجميعاً حال من ضمير كيدوني الفاعل.
وقرأ الجمهور: فإن تولوا أي تتولوا مضارع تولى. وقرأ الأعرج وعيسى الثقفي: تولوا بضم التاء، واللام مضارع وليّ، وقيل: تولوا ماض ويحتاج في الجواب إلى إضمار قول، أي: فقل لهم قد أبلغتكم، ولا حاجة تدعو إلى جعله ماضياً وإضمار القول. وقال ابن عطية: ويحتمل أن يكون تولوا فعلاً ماضياً، ويكون في الكلام رجوع من غيبة إلى خطاب أي: فقد أبلغتكم انتهى. فلا يحتاج إلى إضمار، والظاهر أنّ الضمير في تولوا عائد على قوم هود، وخطاب لهم من تمام الجمل المقولة قبل.
وجواب الشرط هو قوله: فق أبلغتكم، وصح أن يكون جواباً، لأن في إبلاغه إليهم رسالته تضمن ما يحل بهم من العذاب المستأصل، فكأنه قيل: فإن تتولوا استؤصلتم بالعذاب. ويدل على ذلك الجملة الخبرية وهي قوله: ويستخلف ربي قوماً غيركم.
وقرأ الجمهور: ويستخلف بضم الفاء على معنى الخبر المستأنف أي: يهلككم ويجيء بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم. وقرأ حفص في رواية هبيرة: بجزمها عطفاً على موضع الجزاء، وقرأ عبد الله كذلك، وبجزم ولا تضروه.
وأصل جحد أن يتعدى بنفسه، لكنه أجرى مجرى كفر فعدى بالباء، كما عدى كفر بنفسه في قوله: إلا أن عادا كفروا ربهم، إجراء له مجرى جحد. وقيل: كفر كشكر يتعدى تارة بنفسه، وتارة بحرف جر.
قرأ ابن وثاب والأعمش: وإلى ثمود بالصرف على إرادة الحي، والجمهور على منع الصرف ذهاباً إلى القبيلة.


الصفحة التالية
Icon