و﴿أقوم﴾ هنا أفعل التفضيل على قول الزجاج إذ قدر أقوم الحالات وقدره غيره أقوم مما عداها أو من كل حال، والذي يظهر من حيث المعنى أن ﴿أقوم﴾ هنا لا يراد بها التفضيل إذ لا مشاركة بين الطريقة التي يرشد إليها القرآن وطريقة غيرها، وفضلت هذه عليها وإنما المعنى التي هي قيمة أي مستقيمة كما قال: ﴿وذلك دين القيمة﴾.
﴿وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ عطف على قوله: ﴿أن لهم أجراً كبيراً﴾.
والظاهر أن ﴿الليل والنهار﴾ مفعول أول لجعل بمعنى صير، و﴿آيتين﴾ ثاني المفعولين.
وقيل: هو على حذف مضاف فقدره بعضهم وجعلنا نيري الليل والنهار آيتين، وقدّره بعضهم و: جعلنا ذوي الليل والنهار أي صاحبي الليل والنهار، وعلى كلا التقديرين يراد به الشمس والقمر، ويظهر أن ﴿آيتين﴾ هو المفعول الأول، و﴿الليل والنهار﴾ ظرفان في موضع المفعول الثاني، أي وجعلنا في الليل والنهار آيتين. وقال الكرماني: ليس جعل هنا بمعنى صير لأن ذلك يقتضي حالة تقدّمت نقل الشيء عنها إلى حالة أخرى، ولا بمعنى سمى وحكم.
وقيل: معنى ﴿مبصرة﴾ مضيئة. وقيل: هو من باب أفعل، والمراد به غير من أسند أفعل إليه كقولهم: أجبن الرجل إذا كان أهله جبناء، وأضعف إذا كان دوابه ضعافاً فأبصرت الآية إذا كان أصحابها بصراء.
والظاهر أن نصب ﴿وكل شيء﴾ على الاشتغال، وكان ذلك أرجح من الرفع لسبق الجملة الفعلية في قوله: ﴿وجعلنا الليل والنهار﴾ وأبعد من ذهب إلى أن ﴿وكل شيء﴾ معطوف على قوله: ﴿والحساب﴾.
يلقاه و﴿منشوراً﴾ صفتان لكتاب، ويجوز أن يكون ﴿منشوراً﴾ حالاً من مفعول يلقاه ﴿اقرأ كتابك﴾ معمول لقول محذوف أي يقال له: ﴿اقرأ كتابك﴾.
و﴿بنفسيك﴾ فاعل ﴿كفى﴾ انتهى. وهذا مذهب الجمهور والباء زائدة على سبيل الجواز لا اللزوم، ويدل عليه أنه إذا حذفت ارتفع ذلك الاسم بكفى. قال الشاعر.
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً
وقال الآخر:


الصفحة التالية
Icon