وقال ابن عطية ﴿ومن﴾ للتبعيض التقدير وقتاً من الليل أي وقم وقتاً من الليل. وقال الزمخشري: ﴿ومن الليل﴾ وعليك بعض الليل ﴿فتهجد به﴾ والتهجد ترك الهجود للصلاة انتهى. فإن كان تفسيره وعليك بعض الليل تفسير معنى فيقري، وإن كان أراد صناعة النحو والإعراب فلا يصح لأن المغري به لا يكون حرفاً، وتقدير من ببعض فيه مسامحة لأنه ليس بمرادفه البتة، إذ لو كان مرادفه للزم أن يكون اسماً ولا قائل بذلك، ألا ترى إجماع النحويين على أن واو مع حرف وإن قدّرت بمع.
وقال ابن عطية: والضمير في ﴿به﴾ عائد على وقت المقدر في وقم وقتاً من الليل انتهى. فتكون الباء ظرفية أي ﴿فتهجد﴾ فيه وانتصب ﴿نافلة﴾. قال الحوفي: على المصدر أي نفلناك نافلة قال: ويجوز أن ينتصب ﴿نافلة﴾ بتهجد إذا ذهبت بذلك إلى معنى صل به نافلة أي صل نافلة لك.
وقال أبو البقاء: فيه وجهان أحدهما: هو مصدر بمعنى تهجد أي تنفل نفلاً و﴿نافلة﴾ هنا مصدر كالعاقبة والثاني هو حال أي صلاة نافلة انتهى. وهو حال من الضمير في ﴿به﴾.
﴿وعسى﴾ هنا تامة وفاعلها ﴿أن يبعثك﴾، و﴿ربك﴾ فاعل بيبعثك و﴿مقاماً﴾ الظاهر أنه معمول ليبعثك هو مصدر من غير لفظ الفعل لأن يبعثك بمعنى يقيمك تقول أقيم من قبره وبعث من قبره. وقال ابن عطية: منصوب على الظرف أي في مقام محمود. وقيل: منصوب على الحال أي ذا مقام. وقيل: هو مصدر لفعل محذوف التقدير فتقوم ﴿مقاماً﴾ ولا يجوز أن تكون ﴿عسى﴾ هنا ناقصة، وتقدّم الخبر على الاسم فيكون ﴿ربك﴾ مرفوعاً اسم ﴿عسى﴾ و﴿أن يبعثك﴾ الخبر في موضع نصب بها إلا في هذا الإعراب الأخير. وأما في قبله فلا يجوز لأن ﴿مقاماً﴾ منصوب بيبعثك و﴿ربك﴾ مرفوع بعسى فيلزم الفصل بأجنبي بين ما هو موصول وبين معمول. وهو لا يجوز.


الصفحة التالية
Icon