﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً * يأُخْتَ هَرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِىَ الْكِتَبَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً * وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلَوةِ وَالزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً * وَالسَّلَمُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ﴾
و﴿كان﴾ قال أبو عبيدة: زائدة. وقيل: تامّة وينتصب ﴿صبياً﴾ على الحال في هذين القولين، والظاهر أنها ناقصة فتكون بمعنى صار أو تبقى على مدلولها من اقتران مضمون الجملة بالزمان الماضي، ولا يدل ذلك على الانقطاع كما لم يدل في قوله ﴿وكان الله غفوراً رحيماً﴾ وفي قوله ﴿ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة﴾ والمعنى ﴿كان﴾ وهو الآن على ما كان، ولذلك عبر بعض أصحابنا عن ﴿كان﴾ هذه بأنها ترادف لم يزل وما ردّ به ابن الأنباري كونها زائدة من أن الزائدة لا خبر لها، وهذه نصبت ﴿صبياً﴾ خبراً لها ليس بشيء لأنه إذ ذاك ينتصب على الحال، والعامل فيها الاستقرار.
وقال الزمخشري: كان لإيقاع مضمون الجملة في زمان ماض مبهم يصلح لقريبه وبعيده وهو ههنا لقريبه خاصة والدال عليه معنى الكلام وأنه مسوق للتعجب، ووجه آخر أن يكون ﴿نكلم﴾ حكاية حال ماضية أي كيف عهد قبل عيسى أن يكلم الناس ﴿صبياً﴾.
والظاهر أن ﴿من﴾ مفعول بنكلم. ونقل عن الفراء والزجاج أن ﴿من﴾ شرطية و﴿كان﴾ في معنى يكن وجواب الشرط محذوف تقديره فكيف ﴿نكلم﴾ وهو قول بعيد جداً.