﴿طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى * تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَق الأٌّرْضَ وَالسَّمَوَتِ الْعُلَى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَوَتِ وَمَا فِي الأٌّرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأٌّسْمَآءُ الْحُسْنَى ﴾
و﴿لتشقى﴾ و﴿تذكرة﴾ علة لقوله ﴿ما أنزلنا﴾ وتعدى في ﴿لتشقى﴾ باللام لاختلاف الفاعل إذ ضمير ﴿ما أنزلنا﴾ هو لله، وضمير ﴿لتشقى﴾ للرسول صلى الله عليه وسلّم ولما اتحد الفاعل في ﴿أنزلنا﴾ و﴿تذكرة﴾ إذ هو مصدر ذكر، والمذكر هو الله وهو المنزل تعدى إليه الفعل فنصب على أن في اشتراط اتحاد الفاعل خلافاً والجمهور يشترطونه.
وقال الزمخشري: فإن قلت: أما يجوز أن تقول: ما أنزلنا عليك القرآن أن تشقى كقوله ﴿أن تحبط أعمالكم ﴾قلت: بلى ولكنها نصبة طارئة كالنصبة في ﴿واختار موسى قومه﴾ وأما النصبة في ﴿تذكرة﴾ فهي كالتي في ضربت زيد لأنه أحد المفاعيل الخمسة التي هي أصول وقوانين لغيرها انتهى. وليس كون أن تشقى إذا حذف الجار منصوب متفقاً عليه بل في ذلك خلاف. أهو منصوب تعدى إليه الفعل بعد إسقاط الحرف أو مجرور بإسقاط الجار وإبقاء عمله؟
وقال ابن عطية: ﴿إلا تذكرة﴾ يصح أن ينصب على البدل من موضع ﴿لتشقى﴾ ويصح أن ينصب بإضمار فعل تقديره لكن أنزلناه تذكرة انتهى. وقد ردّ الزمخشري تخريج ابن عطية الأول فقال: فإن قلت: هل يجوز أن يكون ﴿تذكرة﴾ بدلاً من محل ﴿لتشقى﴾؟ قلت: لا لاختلاف الجنسين ولكنها نصب على الاستثناء المنقطع الذي إلاّ فيه بمعنى لكن انتهى. ويعني باختلاف الجنسين أن نصب ﴿تذكرة﴾ نصبة صحيحة ليست بعارضة والنصبة التي تكون في ﴿لتشقى﴾ بعد نزع الخافض نصبة عارضة والذي نقول أنه ليس له محل البتة فيتوهم البدل منه.