و﴿إن﴾ نافية بمعنى ما، والظاهر أن جواب ﴿إذا﴾ هو ﴿أن يتخذونك﴾ وجواب إذا بان النافية لم يرد منه في القرآن إلا هذا وقوله في القرآن ﴿وإذا رأوك أن يتخذونك إلاّ هزواً ﴾ولم يحتج إلى الفاء في الجواب كما لم تحتج إليه ما إذا وقعت جواباً كقوله ﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ﴾ما كان حجتهم بخلاف أدوات الشرط، فإنها إذا كان الجواب مصدراً بما النافية فلا بد من الفاء، نحو إن تزورنا فما نسيء إليك. وفي الجواب لاذا بأن وما النافيتين دليل واضح على أن ﴿إذا﴾ ليست معمولة للجواب، بل العامل فيها الفعل الذي يليها وليست مضافة للجملة خلافاً لأكثر النحاة. وقد استدللنا على ذلك بغير هذا من الأدلة في شرح التسهيل.
وقيل: جواب ﴿إذا﴾ محذوف وهو يقولون المحكي به قولهم ﴿أهذا الذي يذكر آلهتكم﴾ وقوله ﴿أن يتخذونك إلاّ هزواً﴾ كلام معترض بين ﴿إذا﴾ وجوابه و﴿يتخذونك﴾ يتعدى إلى اثنين، والثاني ﴿هزواً﴾.
والظاهر أن هذه الجملة حال من الضمير في يقولون المحذوف.
وقال الزمخشري: والجملة في موضع الحال أي ﴿يتخذونك هزواً﴾ وهم على حال هي أصل الهزء والسخرية وهي الكفر بالله انتهى. فجعل الجملة الحالية العامل فيها ﴿يتخذونك هزواً﴾ المحذوفة وكررهم على سبيل التوكيد.
وقرأ مجاهد وحميد وابن مقسم ﴿خَلَقَ ﴾مبنياً للفاعل ﴿الإنسان﴾ بالنصب أي ﴿خلق﴾ الله ﴿الإنسان﴾ وقوله ﴿متى هذا الوعد﴾ استفهام على جهة الهزء، وكان المسلمون يتوعدونهم على لسان الشرع و﴿متى﴾ في موضع الجر لهذا فموضعه، ونقل عن بعض الكوفيين أن موضع ﴿متى﴾ نصب على الظرف والعامل فيه فعل مقدر تقديره يكون أو يجيء، وجواب ﴿لو﴾ محذوف لدلالة الكلام عليه، وحذفه أبلغ وأهيب من النص عليه فقدره ابن عطية لما استعجلوا ونحوه، وقدره الزمخشري لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال.