والمعنى ﴿وحرام عليّ﴾ أهل ﴿قربة﴾ قدرنا إهلاكهم لكفرهم عمل صالح ينجون به من الإهلاك ثم أكد ذلك وعلله بأنهم ﴿لا يرجعون﴾ عن الكفر، فكيف لا يمتنع ذلك فالمحذوف مبتدأ والخبر ﴿وحرام﴾ وقدره بعضهم متقدماً كأنه قال: والإقالة والتوبة حرام. وقراءة الجمهور بالفتح تصح على هذا المعنى وتكون ﴿لا﴾ نافية على بابها والتقدير لأنهم لا يرجعون.
و﴿حتى﴾ قال أبو البقاء متعلقة في المعنى بحرام أي يستمر الامتناع إلى هذا الوقت ولا عمل لها في ﴿إذا﴾. وقال الحوفي ﴿حتى﴾ غاية، والعمل فيها ما دل عليه المعنى من تأسفهم على ما فرطوا فيه من الطاعة حين فاتهم الاستدراك. وقال الزمخشري: فإن قلت: بم تعلقت ﴿حتى﴾ واقعة غاية له وأية الثلاث هي؟ قلت: هي متعلقة بحرام، وهي غاية له لأن امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم القيامة، وهي ﴿حتى﴾ التي تحكي الكلام، والكلام المحكي الجملة من الشرط والجزاء أعني إذا وما في حيزها انتهى.
وقال ابن عطية: هي متعلقة بقوله ﴿وتقطعوا﴾ ويحتمل على بعض التأويلات المتقدمة أن تعلق بيرجعون، ويحتمل أن تكون حرف ابتداء وهو الأظهر بسبب ﴿إذا﴾ لأنها تقتضي جواباً هو المقصود ذكره انتهى.
جواب ﴿إذا﴾ محذوف تقديره ﴿قالوا يا ويلنا﴾ قاله الزجاج وجماعة أو تقديره، فحينئذ يبعثون ﴿فإذا هي شاخصة﴾.
أو مذكور وهو واقترب على زيادة الواو قاله بعضهم، وهو مذهب الكوفيين وهم يجيزون زيادة الواو والفاء في فإذا هي قاله الحوفي. وقال الزمخشري: وإذا هي المفاجأة وهي تقع في المفاجأت سادة مسد الفاء لقوله تعالى: ﴿إذا هم يقنطون﴾ فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط، فيتأكد ولو قيل ﴿إذا هي شاخصة﴾ كان سديداً.