ولا يجوز على المشهور أن يتعلق الجار بعد ﴿إلا﴾ بالفعل قبلها إلا أن كان العامل مفرغاً له نحو ما مررت إلاّ بزيد. وقال الزمخشري: إنما تقصر الحكم على شيء أو لقصر الشيء على حكم كقولك: إنما زيد قائم وإنما يقوم زيد وقد اجتمع المثلان في هذه الآية لأن ﴿إنما يوحى إليّ﴾ مع فاعله بمنزلة إنما يقوم زيد و﴿إنما إلهكم إله واحد﴾ بمنزلة إنما زيد قائم، وفائدة اجتماعهما الدلالة على أن الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلّممقصور على استئثار الله بالوحدانية انتهى.
وأما ما ذكره في ﴿إنما﴾ إنها لقصر ما ذكر فهو مبني على إنما للحصر وقد قررنا أنها لا تكون للحصر، وإنما مع أن كهي مع كان ومع لعل، فكما أنها لا تفيد الحصر في التشبيه ولا الحصر في الترجي فكذلك لا تفيده مع أن وأما جعله ﴿أنما﴾ المفتوحة الهمزة مثل مكسورتها يدل على القصر، فلا نعلم الخلاف إلاّ في ﴿إنما﴾ بالكسر، وأما بالفتح فحرف مصدري ينسبك منع مع ما بعدها مصدر، فالجملة بعدها ليست جملة مستقلة، ولو كانت إنما دالة على الحصر لزم أن يقال إنه لم يوح إليه شيء إلاّ التوحيد. وذلك لا يصح الحصر فيه إذ قد أوحى له أشياء غير التوحيد وفي الآية دليل على تظافر المنقول للمعقول وأن النقل أحد طريقي التوحيد، ويجوز في ما من ﴿إنما﴾ أن تكون موصولة.
و﴿إن﴾ نافية و﴿أدري﴾معلقة والجملة الاستفهامية في موضع نصب بأدري، وتأخر المستفهم عنه لكونه فاصلة إذ لو كان التركيب ﴿أقريب ما توعدون أم بعيد﴾ لم تكن فاصلة وكثيراً ما يرجح الحكم في الشيء لكونه فاصلة آخر آية. وعن ابن عامر في رواية ﴿وإن أدري﴾ بفتح الياء في الآيتين تشبيهاً بياء الإضافة لفظاً، وإن كانت لام الفعل ولا تفح إلا بعامل.


الصفحة التالية
Icon