والظاهر أن ما في قوله ﴿عما أرضعت﴾ بمعنى الذي، والعائد محذوف أي أرضعته، ويقويه تعدي وضع إلى المفعول به في قوله ﴿حملها﴾ لا إلى المصدر. وقيل: ما مصدرية أي عن إرضاعها. وقال الزمخشري: المرضعة هي التي في حال الإرضاع تلقم ثديها الصبي، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به. فقيل ﴿مرضعة﴾ ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة، وخص بعض نحاة الكوفة أم الصبيّ بمرضعة والمستأجرة بمرضع وهذا باطل بقول الشاعر:
كمرضعة أولاد أخرى وضيعت
البيت فهذه ﴿مرضعة﴾ بالتاء وليست أمَّا للذي ترضع. وقول الكوفيين إن الوصف الذي يختص بالمؤنث لا يحتاج فيه إلى التاء لأنها إنما جيء بها للفرق مردود بقول العرب مرضعة وحائضة وطالقة.
وقرأ أبو هريرة وأبو زرعة بن عمرو بن جرير وأبو نهيك كذلك إلا أنهم نصبوا ﴿الناس﴾ دّى ﴿ترى﴾ إلى مفاعيل ثلاثة أحدها الضمير المستكن في ﴿ترى﴾ وهو ضمير المخاطب مفعول لم يسم فاعله، والثاني والثالث ﴿الناس سكارى﴾ أثبت أنهم ﴿سكارى﴾.
والظاهر أن الضمير في ﴿عليه﴾ عائد على ﴿من﴾ لأنه المحدث عنه، وفي ﴿أنه﴾ و﴿تولاه﴾ وفي ﴿فإنه﴾ عائد عليه أيضاً، والفاعل يتولى ضمير ﴿من﴾ وكذلك الهاء في ﴿يضله﴾ ويجوز أن تكون الهاء في هذا الوجه أنه ضمير الشأن.
وقرأ الجمهور: ﴿أنه﴾ بفتح الهمزة في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله، ﴿فأنه﴾ بفتحها أيضاً، والفاء جواب ﴿من﴾ الشرطية أو الداخلة في خبر ﴿من﴾ إن كانت موصولة. و﴿فأنه﴾ على تقدير فشأنه أنه ﴿يضله﴾ أي إضلاله أو فله أن يضله.