و﴿نودي﴾ المفعول الذي لم يسم فاعله، الظاهر أنه ضمير عائد على موسى عليه السلام. و﴿أن﴾ على هذا يجوز أن تكون مفسرة لوجود شرط المفسرة فيها، ويجوز أن تكون مصدرية. أما الثنائية التي تنصب المضارع، وبورك صلة لها، والأصل حرف الجر، أي بأن بورك، وبورك خبر. وأما المخففة من الثقيلة فأصلها حرف الجر. وقال الزمخشري: فإن قلت: هل يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، وتقديره بأنه بورك، والضمير ضمير الشأن والقصة؟ قلت: لا، لأنه لا بد من قد. فإن قلت: فعلى إضمارها؟ قلت: لا يصح، لأنها علامة ولا تحذف. انتهى. ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، وبورك فعل دعاء، كما تقول: بارك الله فيك. وإذا كان دعاء، لم يجز دخول قد عليه، فيكون كقوله تعالى: ﴿والخامسة أن غضب الله عليها ﴾في قراءة من جعله فعلاً ماضياً، وكقول العرب: إما أن جزاك الله خيراً، وإما أن يغفر الله لك، وكان الزمخشري بنى ذلك على ﴿أن بورك﴾ خبر لا دعاء، فلذلك لم يجز أن تكون مخففة من الثقيلة، وأجاز الزجاج أن تكون ﴿أن بورك﴾ في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله، وهو على إسقاط الخافض، أي نودي بأن بورك، كما تقول: نودي بالرخص. ويجوز أن تكون أن الثنائية، أو المخففة من الثقيلة، فيكون بورك دعاء. وقيل: المفعول الذي لم يسم فاعله هو ضمير النداء، أي نودي هو، أي النداء، ثم فسر بما بعده.
﴿يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم﴾ والظهر أن الضمير في إنه ضمير الشأن، وأنا الله: جملة في موضع الخبر، والعزيز الحكيم: صفتان، وأجاز الزمخشري أن يكون الضمير في إنه راجعاً إلى ما دل عليه ما قبله، يعني: إن مكلمك أنا، والله بيان لأنا، والعزيز الحكيم صفتان للبيان. انتهى. وإذا حذف الفاعل وبني الفعل للمفعول، فلا يجوز أن يعود الضمير على ذلك المحذوف، إذ قد غير الفعل عن بنائه له، عزم على أن لا يكون محدثاً عنه. فعود الضمير إليه مما ينافي ذلك، إذ يصير مقصوداً معتنى به.


الصفحة التالية
Icon