ووقف الكسائي في هذه القراءة على يا، ثم يبتدىء اسجدوا، وهو وقف اختيار لا اختبار، والذي أذهب إليه أن مثل هذا التركيب الوارد عن العرب ليست يافية للنداء، وحذف المنادى، لأن المنادى عندي لا يجوز حذفه، لأنه قد حذف الفعل العامل في النداء، وانحذف فاعله لحذفه. ولو حذفنا المنادى، لكان في ذلك حذف جملة النداء، وحذف متعلقه وهو المنادي، فكان ذلك إخلالاً كبيراً. وإذا أبقينا المنادي ولم نحذفه، كان ذلك دليلاً على العامل فيه جملة النداء. وليس حرف النداء حرف جواب، كنعم، ولا، وبلى، وأجل؛ فيجوز حذف الجمل بعدهنّ لدلالة ما سبق من السؤال على الجمل المحذوفة. فيا عندي في تلك التراكيب حرف تنبيه أكد به ألا التي للتنبيه، وجاز ذلك لاختلاف الحرفين، ولقصد المبالغة في التوكيد، وإذا كان قد وجد التأكيد في اجتماع الحرفين المختلفي اللفظ العاملين في قوله:
فأصبحن لا يسألنني عن بما به
والمتفق اللفظ العاملين في قوله:
ولا للما بهم أبداً دواء
وجاز ذلك، وإن عدوه ضرورة أو قليفلا، فاجتماع غير العاملين، وهما مختلفا اللفظ، يكون جائزاً، وليس يا في قوله:
يا لعنة الله والأقوام كلهم
حرف نداء عندي، بل حرف تنبيه جاء بعده المبتدأ، وليس مما حذف منه المنادى لما ذكرناه.
والظاهر أن ﴿في السموات﴾ متعلق بالخب، أي المخبوء في السموات.
﴿شَىْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ﴾
وقرأ ابن محيصن وجماعة: العظيم بالرفع، فاحتمل أن تكون صفة للعرش، وقطع على إضمار هو على سبيل المدح، فتستوي قراءته وقراءة الجمهور في المعنى. واحتمل أن تكون صفة للرب؟
وأصدقت: جملة معلق عنها سننظر، وهي في موضع نصب على إسقاط حرف الجر، لأن نظر، بمعنى التأمل والتفكر، إنما يتعدى بحرف الجر الذي هو في.
﴿فَانْظُرْ مَاذَا﴾