وقيل: خير ليست للتفضيل، فهي كما تقول: الصلاة خير، يعني خيراً من الخيور. وقيل: التقدير ذو خير. والظاهر أن خيراً أفعل التفضيل، وأن الاستفهام في نحو هذا يجيء لبيان فساد ما عليه الخصم، وتنبيهه على خطئه، وإلزامه الإقرار بحصر التفضيل في جانب واحد، وانتفائه عن الآخر.
وأم في أم ما متصلة، لأن المعنى: أيهما خير؟ وفي ﴿أم من خلق﴾ وما بعده منفصلة.
وقرأ الجمهور: ﴿أمّن خلق،﴾ وفي الأربعة بعدها بشد الميم، وهي ميم أم أدغمت في ميم من. وقرأ الأعمش: بتخفيفها جعلها همزة الاستفهام، أدخلت على من، ومن في القراءتين مبتدأ وخبره.
ثم قال: ﴿فأنبتنا،﴾ وهذا التفات من الغيبة إلى التكلم بنون العظمة دالاً على اختصاصه بذلك.
﴿قل لا يعلم من في السموات والأرض،﴾ الآية. والمتبادر إلى الذهن أن من فاعل بيعلم، والغيب مفعول، وإلا الله استثناء منقطع لعدم اندراجه في مدلول لفظ من، وجاء مرفوعاً على لغة تميم.
ولا يقال: إنه مندرج في مدلول من، فيكون في السموات والأرض رفاً حقيقياً للمخلوقين فيهما، ومجازياً بالنسبة إليه تعالى، أي هو فيها بعلمه، لأن في ذلك جمعاً بين الحقيقة والمجاز، وأكثر العلماء ينكر ذلك، وإنكاره هو الصحيح. ومن أجاز ذلك فيصح عنده أن يكون استثناء متصلاً، وارتفع على البدل أو الصفة، والرفع أفصح من النصب على الاستثناء، لأنه استثناء من نفي متقدم.
﴿صَدِقِينَ * قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى السَّمَوتِ والأٌّرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾


الصفحة التالية
Icon