وماذا بجملته يحتمل أن يكون استفهاماً منصوباً بخبر كان، وهو تعملون، وأن يكون ما هو الاستفهام، وذا موصول بمعنى الذي، فيكونان مبتدأ وخبراً، وكان صلة لذا والعائد محذوف، أي تعملونه. وقرأ أبو حيوة: أما ذا، بتخفيف الميم، أدخل أداة الاستفهام على اسم الاستفهام على سبيل التوكيد.
﴿فِى الصُّورِ فَفَزِعَ مَن﴾.
وعبر هنا بالماضي في قوله: ﴿ففزغ،﴾ وإن كان لم يقع إشعاراً بصحة وقوعه، وأنه كائن لا محالة، وهذه فائدة وضع الماضي موضع المستقبل، كقوله تعالى: ﴿فأوردهم النار﴾، بعد قوله: ﴿يقدم قومه يوم القيامة﴾.
﴿وكل أتوه:﴾ المضاف إليه كل محذوف تقديره: وكلهم.
﴿وترى الجبال:﴾ هو من رؤية العين تحسبها حال من فاعل ترى، أو من الجبال
﴿وهي تمر مر السحاب: ﴾جملة حالية، أي تحسبها في رأي العين ثابتة مقيمة في أماكنها وهي سائرة.
وانتصب ﴿صنع الله﴾ على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة التي تليها، فالعامل فيه مضمر من لفظه. وقال الزمخشري: ﴿صنع الله﴾ من المصادر المؤكدة كقوله: ﴿وعد الله﴾ و{صبغة الله، إلا أن مؤكده محذوف، وهو الناصب ليوم ينفخ.
والذي يظهر أن صنع الله مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة، وهي جملة الحال، أي صنع الله بها ذلك، وهو قلعها من الأرض، ومرّها مرًّا مثل مر السحاب. وأما قوله: إلا أن مؤكده محذوف، وهو الناصب ليوم ينفخ إلى قوله صنع الله، يريد به الإثابة والمعاقبة، فذلك لا يصح، لأن المصدر المؤكد لمضمون الجملة لا يجوز حذف جملته، لأنه منصوب بفعل من لفظه، فيجتمع حذف الفعل الناصب وحذف الجملة التي أكد مضمونها بالمصدر، وذلك حذف كثير مخل. ومن تتبع مساق هذه المصادر التي تؤكد مضمون الجملة، وجد الجمل مصرحاً بها، لم يرد الحذف في شيء منها، إذ الأصل أن لا يحذف المؤكد، إذ الحذف ينافي التوكيد، لأنه من حيث أكد معتني به، ومن حيث حذف غير معتني به. وقيل: انتصب صنع الله على الإغراء بمعنى، انظروا صنع الله.


الصفحة التالية
Icon