الظاهر أن ما نافية، أي ليس لهم الخيرة، إنما هي لله تعالى، كقوله: ﴿ما كان لهم الخيرة﴾ من أمرهم. وذهب الطبري إلى أن ما موصولة منصوبة بيختار، أي ويختار من الرسل والشرائع ما كان خيرة للناس، كما لا يختارون هم ما ليس إليهم، ويفعلون ما لم يؤمروا به. وأنكر أن تكون ما نافية، لئلا يكون المعنى: إنه لم تكن لهم الخيرة فيما مضى، وهي لهم فيما يستقبل، ولأنه لم يتقدّم كلام بنفي. وروي عن ابن عباس معنى ما ذهب إليه الطبري، وقد رد هذا القول تقدّم العائد على الموصول، وأجيب بأن التقدير: ما كان لهم فيه الخيرة، وحذف لدلالة المعنى. قال الزمخشري: كما حذف من قوله: ﴿إن ذلك لمن عزم الأمور﴾، يعني: أن التقدير أن ذلك فيه لمن عزم الأمور. وأنشد القاسم ابن معن بيت عنترة:
أمن سمية دمع العين تذريفلو كان ذا منك قبل اليوم معروف
وقرن الآية بهذا البيت: لو أن ذا، ولكن على ما رواه القاسم يتجه في بيت عنترة أن يكون في كان ضمير الشأن. فأما في الآية، فقال ابن عطية: تفسير الأمر والشأن لا يكون بجملة فيها محذوف. قال ابن عطية: ويتجه عندي أن تكون ما مفعولة، إذا قدرنا كان تامة، أي أن الله تعالى يختار كل كائن، ولا يكون شيء إلا بإذنه. وقوله: ﴿لهم الخيرة﴾: جملة مستأنفة.
﴿أَفَلاَ تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَمَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ﴾