ويجوز في ولا مولود﴿رَبَّكُمْ وَاخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن﴾ وجهان: أحدهما: أن يكون معطوفاً على والد، والجملة من قوله: ﴿هو جاز﴾، صفة لمولود. والثاني: أن يكون مبتدأ، وهو مبتدأ ثان، وجاز خبره، والجملة خبر للأول، وجاز الابتداء به، وهو نكرة لوجود مسوغ ذلك، وهو النفي. وذهل المهدوي فقال: لا يكون ﴿مولود﴾ مبتدأ، لأنه نكرة وما بعده صفة، فيبقى بلا خبر و﴿شيئاً﴾ منصوب بجاز، وهو من باب الأعمال، لأنه يطلبه ﴿لا يجزي﴾ ويطلبه ﴿جاز﴾، فجعلناه من أعمال الثاني، لأنه المختار.
وقال الزمخشري: فإن قلت: قوله: ﴿ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً﴾ هو وارد على طريق من التوكيد، لم يرد عليه ما هو معطوف عليه. قلت: الأمر كذلك، لأن الجملة الاسمية آكد من الفعلية، وقد انضم إلى ذلك قوله: ﴿هو﴾، وقوله: ﴿مولود﴾، والسبب في مجيئه هذا السنن أن الخطاب للمؤمنين، وغالبهم قبض آباؤهم على الكفر وعلى الدين الجاهلي، فأريد حسم أطماعهم وأطماع الناس أن ينفعوا آباءهم في الآخرة، وأن يشفعوا لهم، وأن يغنوا عنهم من الله شيئاً، فلذلك جيء به على الطريق الأوكد. ومعنى التوكيد في لفظ المولود: أن الواحد منهم لو شفع للوالد الأدنى الذي ولد منه، لم تقبل شفاعته فضلاً أن يشفع لمن فوقه من أجداده، لأن الولد يقع على الولد، وولد الولد بخلاف المولود، فإنه لمن ولد منك.
وعلم: مصدر أضيف إلى الساعة.