وإذا كان ﴿تنزيل﴾ خبر مبتدأ محذوف، وكانت الجملة اعتراضية بين ما افتقر إلى غيره وبينه، لم نقل فيه: إن فيه تقديماً وتأخيراً، بل لو تأخر لم يكن اعتراضاً. وأما كونه متعلقاً بلا ريب، فليس بالجيد، لأن نفي الريب عنه مطلقاً هو المقصود، لأن المعنى: لا مدخل للريب فيه، إن تنزيل الله، لأن موجب نفي الريب عنه موجود فيه، وهو الإعجاز، فهو أبعد شيء من الريب.
وقال الزمخشري: والضمير في فيه راجع إلى مضمون الجملة، كأنه قيل: لا ريب في ذلك، أي في كونه منزلاً من رب العالمين.
ومن ربك في موضع الحال، أي كائناً من عند ربك، وبه متعلق بلتنذر، أو بمحذوف تقديره: أنزله لتنذر. والقوم هنا قريش والعرب، وما نافية، ومن نذير: من زائدة، ونذير فاعل أتاهم.
والذي ذهب إليه غير ما ذهب إليه المفسرون، وذلك أنهم فهموا من قوله: ما أتاهم﴿رَّبِّ الْعَلَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن﴾، و﴿ما أنذر آباؤهم﴾، أن ما نافية، وعندي أن ما موصولة.
وكذلك ﴿لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم﴾: أي العقاب الذي أنذره آباؤهم، فما مفعولة في الموضعين، وأنذر يتعدى إلى اثنين. قال تعالى: ﴿فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة﴾، وهذا القول جار على ظواهر القرآن. قال تعالى: ﴿وإن من أمة إلا خلا فيها نذير﴾، و﴿أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير﴾، ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً﴾، ﴿وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً﴾.


الصفحة التالية
Icon