وذكروا في مثل هذا التركيب أن على وعن اسمان، ولا يجوز أن يكونا حرفين، لامتناع فكر فيك، وأعني بك، بل هذا مما يكون فيه النفس، أي فكر في نفسك، وأعني بنفسك، وقد تكلمنا على هذا في قوله: ﴿وهزي إليك﴾، ﴿واضم إليك جناحك﴾. وقال الحوفي: ﴿وتخفي في نفسك﴾: مستأنف، ﴿وتخشى﴾: معطوف على وتخفي. وقال الزمخشري: واو الحال، أي تقول لزيد: ﴿أمسك عليك زوجك﴾، مخفياً في نفسك إرادة أن لا يمسكها، وتخفي خاشياً قاله الناس، أو واو العطف، كأنه قيل: وأن تجمع بين قولك: ﴿أمسك﴾، وإخفاء قالة، وخشية الناس. انتهى. ولا يكون ﴿وتخفي﴾ حالاً على إضمار مبتدأ، أي وأنت تخفي، لأنه مضارع مثبت، فلا يدخل عليه الواو إلا على ذلك الإضمار، وهو مع ذلك قليل نادر، لا يبنى على مثله القواعد؛ ومنه قولهم: قمت وأصك عينه، أي وأنا أصك عينه. ﴿والله أحق أن تخشاه﴾: تقدّم إعراب نظيره في التوبة.
وانتصب سنة الله﴿اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ﴾ على أنه اسم موضوع موضع المصدر، قاله الزمخشري؛ أ على المصدر؛ أو على إضمار فعل تقديره: ألزم أو نحوه، أو على الإغراء، كأنه قال: فعليه سنة الله. قال ابن عطية: وقوله: أو على الإغراء، ليس بجيد، لأن عامل الاسم في الإغراء لا يجوز حذفه، وأيضاً فتقديره: فعليه سنة الله بضمير الغيبة، ولا يجوز ذلك في الإغراء، إذ لا يغرى غائب. وما جاء من قولهم: عليه رجلاً، ليسنى له تأويل، وهو مع ذلك نادر.
و﴿الذين﴾: صفة للذين خلوا، أو مرفوع، أو منصوب على إضمارهم، أو على أمدح.
وقرأ الجمهور؛ ﴿ولكن رسول﴾، بتخفيف لكن ونصب رسول على إضمار كان، لدلالة كان المتقدّمة عليه؛ قىل: أو على العطف على ﴿أبا أحد﴾. وقرأ عبد الوارث، عن أبي عمرو: بالتشديد والنصب على أنه خبر لكن، والخبر محذوف تقديره: ﴿ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾ هو، أي محمد صلى الله عليه وسلّم وحذف خبر لكن واخواتها جائز إذا دل عليه الدليل. ومما جاء في ذلك قول الشاعر:


الصفحة التالية
Icon