و﴿حتى﴾: تدل على الغاية، وليس في الكلام عائد على أن حتى غاية له. فقال ابن عطية: في الكلام حذف يدل علىه الظاهر، كأنه قال: ولا هم شفعاء كما تحبون أنتم، بل هم عبدة أو مسلمون أبداً، يعني منقادون، ﴿حتى إذا فزع عن قلوبهم﴾.
والجملة بعد من قوله: ﴿قل ادعوا﴾ اعتراضية بين المغيا والغاية. قال ابن زيد: أقروا بالله حين لا ينفعهم الإقرار، فالمعنى: فزع الشيطان عن قلوبهم وفارقهم ما كان يطلبهم به، ﴿قالوا ماذا قال ربكم﴾. وقال الحسن: وإنما يقال للمشركين ﴿ماذا قال ربكم﴾ على لسان الأنبياء، فأقروا حين لا ينفع. وقيل: ﴿حتى﴾ غاية متعلقة بقوله: ﴿زعمتم﴾، أي زعمتم الكفر إلى غاية التفزيع، ثم تركتم ما زعمتم وقلتم: قال الحق. انتهى.
وتلخص من هذا أن حتى غائيه إما لمنطوق وهو زعمتم، ويكون الضمير في ﴿عن قلوبهم﴾ التفاتاً، وهو للكفار، أو هو فاتبعوه، وفيه تناسق الضمائر لغائب. والفصل بالاعتراض والضمير أيضاً للكفار، والضمير في ﴿قالوا﴾ للملائكة، وضمير الخطاب في ﴿ربكم﴾، والغائب في ﴿قالوا﴾ الثانية للكفار. وأما لمحذوف، فما قدره ابن عطية لا يصح أن يغيا، لأن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها.
وقرأ الحسن: ﴿فزع﴾ من الفزع، بتخفيف الزاي، مبنياً للمفعول، و﴿عن قلوبهم﴾ في موضع رفع به، كقولك: انطلق يزيد.