و﴿هؤلاء﴾ مبتدأ و، خبره ﴿كانوا يعبدون﴾، و﴿إياكم﴾ مفعول ﴿يعبدون﴾. ولما تقدم انفصل، وإنما قدم لأنه أبلغ في الخطاب، ولكون ﴿يعبدون﴾ فاصلة. فلو أتى بالضمير منفصلاً، كان التركيب يعبدونكم، ولم تكن فاصلة. واستدل بتقديم هذا المعمول على جواز تقديم خبر كان عليها إذا كان جملة، وهي مسألة خلاف، أجاز ذلك ابن السراج، ومنع ذلك قوم من النحويين، وكذلك منعوا توسطه إذا كان جملة. وقال ابن السراج: القياس جواز ذلك، ولم يسمع. ووجه الدلالة من الآية أن تقديم المعمول مؤذن بتقديم العامل، فكما جاز تقديم ﴿إياكم﴾، جاز تقديم ﴿يعبدون﴾، وهذه القاعدة ليست مطردة، والأولى منع ذلك إلى أن يدل على جوازه سماع من العرب.
وعن ابن عباس: فليس أنه أعلم من أمّته، ولا كتاب أبين من كتابه. والمعشار مفعال من العشر، ولم يبن على هذا الوزن من ألفاظ العدد غيره وغير المرباع، ومعناهما: العشر والربع. وقال قوم: المعشار عشر العشر. قال ابن عطية: وهذا ليس بشيء. انتهى. وقيل: والعشر في هذا القول عشر المعشرات، فيكون جزأ من ألف جزء. قال الماوردي: وهو الأظهر، لأن المراد به المبالغة في التقليل.
قال أبو علي: أن تقوموا﴿مِّن نَّذِيرٍ * وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنَهُمْ فَكَذَّبُواْ﴾ في موضع خفض على البدل من واحدة. وقال الزمخشري: ﴿بواحدة﴾: بخصلة واحدة، وهو فسرها بقوله: ﴿أن تقوموا﴾ على أن عطف بيان لها. انتهى. وهذا لا يجوز، لأن بواحدة نكرة، وأن تقوموا معرفة لتقديره قيامكم لله. وعطف البيان فيه مذهبان: أحدهما: أنه يشترط فيه أن يكون معرفة من معرفة، وهو مذهب الكوفيين، وأما التخالف فلم يذهب إليه ذاهب، وإنما هو وهم من قائله. وقد ردّ النحويون على الزمخشري في قوله: ﴿إن مقام إبراهيم﴾ عطف بيان من قوله: ﴿آيات بينات﴾، وذلك لأجل التحالف، فكذلك هذا.
انتصب على الحال.


الصفحة التالية
Icon