﴿أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً﴾: أي فرأى سوء عمله حسناً، ومن مبتدأ موصول، وخبره محذوف. فالذي يقتضيه النظر أن يكون التقدير: كمن لم يزين له، كقوله: ﴿أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله﴾، ﴿أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى﴾، ﴿أو من كان ميتاً فأحييناه﴾، ثم قال: ﴿كمن مثله في الظلمات﴾، وقاله الكسائي، أي تقديره: تذهب نفسك عليهم حسرات لدلالة: ﴿فلا تذهب نفسك عليهم﴾. وقيل: التقدير: فرآه حسناً، فأضله الله كمن هداه الله، فحذف ذلك لدلالة: ﴿فإن الله يضل من يشاء﴾، وذكر هذين الوجهين الزجاج.
انتصب ﴿حسرات﴾ على أنه مفعول من أجله، أي فلا تهلك نفسك للحسرات، وعليهم متعلق بتذهب، كما تقول: هلك عليه حباً، ومات عليه حزناً، أو هو بيان للمتحسر عليه، ولا يتعلق بحسرات لأنه مصدر، فلا يتقدّم معموله. وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون حالاً، كأنه كلها صارت حسرات لفرط التحسر، كما قال جرير:
مشق الهواجر لحمهن مع السرىحتى ذهبن كلاكلاً وصدرواً يريد: رجعن كلاكلاً وصدوراً، أي لم يبق إلا كلاكلها وصدورها، ومنه قوله:
فعلى إثرهم تساقط نفسيحسرات وذكرهم لي سقام انتهى. وما ذكر من أن كلاكلاً وصدوراً حالان هو مذهب سيبويه. وقال المبرد: هو تمييز منقول من الفاعل، أي حتى ذهبت كلاكلها وصدورها.
النشور: مبتدأ، والجار والمجرور قبله في موضع الجر.
ومن اسم شرط، وجملة الجواب لا بد أن يكون فيها ضمير يعود على اسم الشرط إذا لم يكن ظرفاً، والجواب محذوف تقديره.


الصفحة التالية
Icon