وتفسير المفازة قوله: ﴿لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون﴾، كأنه قيل: وما مفازتهم؟ قيل: لا يمسهم السوء.
ويجوز أن يسمى العمل الصالح بنفسه مفازة، لأنه سببها. فإن قلت: ﴿لا يمسهم﴾، ما محله من الإعراب على التفسيرين؟ قلت: أما على التفسير الأول فلا محل له، لأنه كلام مستأنف، وأما على الثاني فمحله النصب على الحال.
وقال الزمخشري: فإن قلت: بم اتصل قوله: ﴿والذين كفروا﴾؟ قلت: بقوله: ﴿وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم، والذين كفروا، هم الخاسرون﴾ واعترض بينهما: بأن خالق الأشياء كلها، وهو مهيمن عليها، لا يخفى عليه شيء من أعمال المكلفين منها وما يستحقون عليها من الجزاء، وأن ﴿له مقاليد السموات والأرض﴾. قال أبو عبد الله الرازي: وهذا عندي ضعيف من وجهين: الأول: أن وقوع الفاصل الكثير بين المعطوف والمعطوف عليه بعيد. والثاني: أن قوله تعالى: ﴿وينجي الله الذين اتقوا﴾: جملة فعلية، وقوله: ﴿والذين كفروا﴾: جملة اسمية، وعطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية لا يجوز.
وقوله: وعطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية لا يجوز، كلام من لم يتأمل لسان العرب، ولا نظر في أبواب الاشتغال.
قال الأخفش: تأمروني ملغاة، وعنه أيضاً: أفغير نصب بتأمروني لا بأعبد، لأن الصلة لا تعمل فيما قبلها، إذ الموصول منه حذف فرفع، كما في قوله:
ألا أيها ذا الزاجري احضر الوغى
والصلة مع الموصول في موضع النصب بدلاً منه، أي أفغير الله تأمرونني عبادته؟ والمعنى: أتأمرونني بعبادة غير الله؟ وقال الزمخشري: أو ينصب بما يدل عليه جملة قوله: تأمروني أعبد، لأنه في معنى تعبدون وتقولون لي: اعبده، وأفغير الله تقولون لي اعبد، فكذلك أفغير الله تقولون لي أن اعبده، وأفغير الله تأمروني أن أعبد. والدليل على صحة هذا الوجه قراءات من قرأ أعبد بالنصب، يعني: بنصب الدال بإضمار أن.