الظاهر إقرار الاستثناء في موضعه من غير تقديم ولا تأخير. وقال الجرجاني: تقديره: أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون إلا رب العالمين، فإنهم عدو لي، وإلا: بمعنى دون وسوى. انتهى. فجعله مستثنى مما بعد كنتم تعبدون، ولا حاجة إلى هذا التقدير لصحة أن يكون مستثنى من قوله: ﴿فإنهم عدو لي﴾. وجعله جماعة منهم الفراء، واتبعه الزمخشري استثناء منقطعاً، أي لكن رب العالمين، لأنهم فهموا من قوله: ما كنتم تعبدون أنهم الأصنام. وأجاز الزجاج أن يكون استثناء متصلاً على أنهم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه الأصنام، فأعلمهم أنه تبرأ مما يعبدون إلا الله، وأجازوا في ﴿الذي خلقني﴾ النصب على الصفة لرب العالمين، أو بإضمار، أعني: والرفع خبر مبتدأ محذوف، أي هو الذي. وقال الحوفي: ويجوز أن يكون ﴿الذي خلقني﴾ رفعاً بالابتداء، ﴿فهو يهدين:﴾ ابتداء وخبر في موضع الخبر عن الذي، ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط. انتهى. وليس الذي هنا فيه معنى اسم الشرط لأنه خاص، ولا يتخيل فيه العموم، فليس نظير: الذي يأتيني فله درهم، وأيضاً ليس الفعل الذي هو خلق لا يمكن فيه تحدد بالنسبة إلى إبراهيم.
وتابع أبو البقاء الحوفي في إعرابه هذا، لكنه لم يقل: ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط. فإن كان أراد ذلك، فليس بجيد لما ذكرناه، وإن لم يرده، فلا يجوز ذلك إلا على زيادة الفاء، على مذهب الأخفش في نحو: زيد فاضربه؛ الذي خلقني بقدرته فهو يهدين إلى طاعته.
و﴿يوم الدين: ﴾ظرف، والعامل فيه يعفر.
﴿إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾