و﴿هيهات﴾ اسم فعل لا يتعدى برفع الفاعل ظاهراً أو مضمراً، وهنا جاء التركيب ﴿هيهات هيهات لما توعدون﴾ لم يظهر الفاعل فوجب ن يعتقد إضمار تقديره هو أي إخراجكم، وجاءت اللام للبيان أي أعني لما توعدون كهي بعد بعد سقياً لك فتتعلق بمحذوف وبنيت المستبعد ما هو بعد اسم الفعل الدال على البعد كما جاءت في ﴿هيت لك ﴾لبيان المهيت به. وقال الزجاج: البعد ﴿لما توعدون﴾ أو بعد ﴿لما توعدون﴾ وينبغي أن يجعل كلامه تفسير معنى لا تفسير إعراب لأنه لم تثبت مصدرية ﴿هيهات﴾ وقول الزمخشري: فمن نونه نزله منزلة المصدر ليس بواضح لأنهم قد نونوا أسماء الأفعال، ولا نقول إنها إذا نونت تنزلت منزلة المصدر. وقال ابن عطية: طوراً تلي الفاعل دون لام تقول هيهات مجيء زيد أي بعد، وأحياناً يكون الفاعل محذوفاً وذلك عند اللام كهذه الآية التقدير بعد الوجود ﴿لما توعدون﴾ انتهى. وهذا ليس بجيد لأن فيه حذف الفاعل، وفيه أنه مصدر حذف وأبقى معموله ولا يجيز البصريون شيئاً من هذا. وقال ابن عطية أيضاً في قراءة من ضم ونون أنه اسم معرب مستقل، وخبره ﴿لما توعدون أي البعد لوعدكم كما تقول: النجح لسعيك. وقال صاحب اللوامح: فأما من قال هيهات﴾ فرفع ونون احتمل أن يكونا اسمين متمكنين مرتفعين بالابتداء وما بعدهما خبرهما من حروف الجر بمعنى البعد ﴿لما توعدون﴾ والتكرار للتأكيد، ويجوز أن يكونا اسمين للفعل والضم للبناء مثل حوب في زجر الإبل لكنه نون لكونه نكرة انتهى. وقرأ ابن أبي عبلة ﴿هيهات هيهات﴾ ما ﴿توعدون﴾ بغير لام وتكون ما فاعلة بهيهات. وهي قراءة واضحة.


الصفحة التالية
Icon