فقولهم: ﴿أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون، أو آباؤنا الأولون﴾: تقدم الكلام عليه في والصافات، وكرر الزمخشري هنا وهمه فقال: فإن قلت: كيف حسن العطف على المضمر في ﴿لمبعوثون﴾ من غير تأكيد بنحن؟ قلت: حسن للفاصل الذي هو الهمزة، كما حسن في قوله: ﴿ما أشركنا ولا آباؤنا﴾، الفصل لا المؤكدة للنفي. انتهى. ورددنا عليه هنا وهناك إلى مذهب الجماعة في أنهم لا يقدرون بين همزة الاستفهام وحرف العطف فعلاً في نحو: ﴿أفلم يسيروا﴾، ولا اسماً في نحو: ﴿أو آباؤنا﴾، بل الواو والفاء لعطف ما بعدهما على ما قبلهما، والهمزة في التقدير متأخرة عن حرف العطف. لكنه لما كان الاستفهام له صدر الكلام قدمت.
﴿لآكلون من شجر من زقوم﴾: من الأولى لابتداء الغاية أو للتبعيض؛ والثانية، إن كان من زقوم بدلاً، فمن تحتمل الوجهين، وإن لم تكن بدلاً، فهي لبيان الجنس.
ويجوز في ﴿أأنتم﴾ أن يكون مبتدأ، وخبره ﴿تخلقونه﴾، والأولى أن يكون فاعلاً بفعل محذوف، كأنه قال: أتخلقونه؟ فلما حذف الفعل، انفصل الضمير وجاء ﴿أفرأيتم﴾ هنا مصرحاً بمفعولها الأول. ومجيء جملة الاستفهام في موضع المفعول الثاني على ما هو المقرر فيها، إذا كانت بمعنى أخبرني. وجاء بعد أم جملة فقيل: أم منقطعة، وليست المعادلة للهمزة، وذلك في أربعة مواضع هنا، ليكون ذلك على استفهامين، فجواب الأول لا، وجواب الثاني نعم، فتقدر أم على هذا، بل أنحن الخالقون فجوابه نعم. وقال قوم من النحاة: أم هنا معادلة للهمزة، وكان ما جاء من الخبر بعد نحن جيء به على سبيل التوكيد، إذ لو قال: أم نحن، لوقع الاكتفاء به دون ذكر الخبر. ونظير ذلك جواب من قال: من في الدار؟ زيد في الدار، أو زيد فيها، ولو اقتصر في الجواب على زيد لاكتفى به.