وأتى بالجمع في قوله: قلوبكما﴿اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ﴾، وحسن ذلك إضافته إلى مثنى، وهو ضميراهما، والجمع في مثل هذا أكثر استعمالاً من المثنى، والتثنية دون الجمع، كما قال الشاعر:
فتخالسا نفسيهما بنوافذكنوافذ العبط التي لا ترفع وهذا كان القياس، وذلك أن يعبر بالمثنى عن المثنى، لكن كرهوا اجتماع تثنيتين فعدلوا إلى الجمع، لأن التثنية جمع في المعنى، والإفراد لا يجوز عند أصحابنا إلا في الشعر، كقوله:
حمامة بطن الواديين ترنمي
يريد: بطني. وغلط ابن مالك فقال في كتاب التسهيل: ونختار لفظ الإفراد على لفظ التثنية.
والأحسن الوقف على قوله: مولاه﴿عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ﴾. ويكون ﴿وجبريل﴾ مبتدأ، وما بعده معطوف عليه، والخبر ﴿ظهير﴾. فيكون ابتداء الجملة بجبريل.
وجوزوا أن يكون ﴿وجبريل وصالح المؤمنين﴾ عطفاً على اسم الله، فيدخلان في الولاية، ويكون ﴿والملائكة﴾ مبتدأ، والخبر ﴿ظهير﴾.
وقرىء: وأهلوكم بالواو، وهو معطوف على الضمير في قوا﴿ءَامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ وحسن العطف للفصل بالمفعول. وقال الزمخشري: فإن قلت: أليس التقدير قوا أنفسكم وليق أهلوكم أنفسهم؟ قلت: لا، ولكن المعطوف مقارن في التقدير للواو وأنفسكم واقع بعده، فكأنه قيل: قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم. لما جمعت مع المخاطب الغائب غلبته عليه. فجعلت ضميرهما معاً على لفظ المخاطب. انتهى. وناقض في قوله هذا لأنه قدر وليق أهلوكم فجعله من عطف الجمل، لأن أهلوكم اسم ظاهرة لا يمكن عنده أن يرتفع بفعل الآمر الذي للمخاطب، وكذا في قوله: ﴿اسكن أنت وزوجك الجنة﴾، ثم قال: ولكن المعطوف مقارن في التقدير للواو، فناقض لأنه في هذا جعله مقارناً في التقدير للواو، وفيما قبله رفعه بفعل آخر غير الرافع للواو وهو وليق.
وانتصب ﴿ما أمرهم﴾ على البدل، أي لا يعصون أمره لقوله تعالى: ﴿أفعصيت أمري﴾، أو على إسقاط حرف الجر.