وأشار الفراء إلى أن بعض ما فتح لا يناسب تسليط آمنا عليه، نحو قوله: ﴿وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذباً﴾، وتبعهما الزمخشري فقال: ومن فتح كلهن فعطفاً على محل الجار والمجرور في آمنا به، كأنه قيل: صدقناه وصدقنا أنه تعالى جد ربنا، وأنه كان يقول سفيهنا، وكذلك البواقي. انتهى. ولم يتفطن لما تفطن له الفراء من أن بعضها لا يحسن أن يعمل فيه آمنا.
وقرأ عكرمة: جد منوباً، ربنا مرفوع الباء، كأنه قال: عظيم هو ربنا، فربنا بدل، وقرأ عكرمة: جداً ربنا، بفتح الجيم والدال منوناً، ورفع ربنا وانتصب جداً على التمييز المنقول من الفاعل، أصله تعالى جد ربنا﴿وَأَنَّهُ تَعَلَى جَدُّ﴾. وقرأ قتادة وعكرمة أيضاً: جداً بكسر الجيم والتنوين نصباً، ربنا رفع. قال ابن عطية: نصب جداً على الحال، ومعناه: تعالى حقيقة ومتمكناً. وقال غيره: هو صفة لمصدر محذوف تقديره: تعاليا جداً، وربنا مرفوع بتعالى.
وانتصب ﴿كذباً﴾ في قراءة الجمهور بتقول، لأن الكذب نوع من القول، أو على أنه صفة لمصدر محذوف، أي قولا كذباً، أي مكذوباً فيه. وفي قراءة الشاذ على أنه مصدر لتقول، لأنه هو الكذب، فصار كقعدت جلوساً.
وظنوا وظننتم، كل منهما يطلب، أن لن يبعث﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا﴾، فالمسألة من باب الإعمال، وإن هي المخففة من الثقيلة.
الظاهر أن وجد هنا بمعنى صادف وأصاب وتعدت إلى واحد، والجملة من ملئت﴿أَحَداً * وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً﴾ في موضع الحال، وأجيز أن تكون تعدت إلى اثنين، فملئت في موضع المفعول الثاني. وقرأ الأعرج: مليت بالياء دون همز، والجمهور: بالهمز، وشديداً: صفة للحرس على اللفظ لأنه اسم جمع، كما قال:
أخشى رجيلاً أو ركيباً عادياً
ولو لحظ المعنى لقال: شداداً بالجمع.