﴿إلا بلاغاً﴾، قال الحسن: هو استثناء منقطع، أي لن يجيرني أحد، لكن إن بلغت رحمني بذلك. والإجارة للبلاغ مستعارة، إذ هو سبب إجارة الله تعالى ورحمته. وقيل على هذا المعنى: هو استثناء متصل، أي لن يجيرني في أحد، لكن لم أجد شيئاً أميل إليه وأعتصم به إلا أن أبلغ وأطيع فيجيزني الله، فيجوز نصبه على الاستثناء من ملتحداً وعلى البدل وهو الوجه، لأن ما قبله نفياً، وعلى البدل خرجه الزجاج. وقال أبو عبد الله الرازي: هذا الاستثناء منقطع، لأنه لم يقل: ولم أجد ملتحداً بل، قال: ﴿من دونه﴾؛ والبلاغ من الله لا يكون داخلاً تحت قوله: ﴿من دونه ملتحداً﴾ لأنه لا يكون من دون الله، بل يكون من الله وبإعانته وتوفيقه. وقال قتادة: التقدير لا أملك إلا بلاغاً إليكم، فأما الإيمان والكفر فلا أملك. انتهى، وفيه بعد لطول الفصل بينهما. وقيل، إلا في تقدير الانفصال: إن شرطية ولا نافية، وحذف فعلها لدلالة المصدر عليه، والتقدير: إن لم أبلغ بلاغاً من الله ورسالته، وهذا كما تقول: إن لا قياماً قعوداً، أي إن لم تقيم قياماً فاقعد قعوداً، وحذف هذا الفعل قد يكون لدلالة عليه بعده أو قبله، كما حذف في قوله:
فطلقها فلست لها بكفءوإلا يعل مفرقك الحسام التقدير: وإن لا تطقها، فحذف تطلقها لدلالة فطلقها عليه، ومن لابتداء الغاية.
﴿ورسالاته﴾، قيل: عطف على ﴿بلاغاً﴾، أي إلا أن أبلغ عن الله، أو أبلغ رسالاته. الظاهر أن رسالاته عطف على الله، أي إلا أن أبلغ عن الله وعن رسالاته.


الصفحة التالية
Icon