﴿والله يقدر الليل والنهار﴾: أي هو وحده تعالى العالم بمقادير الساعات. قال الزمخشري: وتقديم اسمه عز وجل مبتدأ مبنياً عليه يقدر هو الدال على معنى الاختصاص بالتقدير. انتهى. وهذا مذهبه، وإنما استفيد الاختصاص من سياق الكلام لا من تقديم المبتدأ. لو قلت: زيد يحفظ القرآن أو يتفقه في كتاب سيبوىه، لم يدل تقديم المبتدأ على الاختصاص.
وقرأ الجمهور: ﴿هو خيراً وأعظم أجراً﴾ بنصبهما، واحتمل هو أن يكون فصلاً، وأن يكون تأكيداً لضمير النصب في ﴿تجدوه﴾. ولم يذكر الزمخشري والحوفي وابن عطية في إعراب هو إلا الفصل. وقال أبو البقاء: هو فصل، أو بدل، أو تأكيد. فقوله: أو بدل، وهم لو كان بدلاً لطابق في النصب فكان يكون إياه. وقرأ أبو السمال وابن السميفع: هو خير وأعظم، برفعهما على الابتداء أو الخبر. قال أبو زيد: هو لغة بني تميم، يرفعون ما بعد الفاصلة، يقولون: كان زيد هو العاقل بالرفع، وهذا البيت لقيس بن ذريح وهو:
نحن إلى ليلى وأنت تركتهاوكنت عليها بالملا أنت أقدر قال أبو عمرو الجرمي: أنشد سيبويه هذا البيت شاهداً للرفع والقوافي مرفوعة. ويروى: أقدر. وقال الزمخشري: وهو فصل وجاز وإن لم يقع بين معرفتين، لأن أفعل من أشبه في امتناعه من حرف التعريف المعرفة. انتهى. وليس ما ذكر متفقاً عليه. ومنهم من أجازه، وليس أفعل من أحكام الفصل ومسائله، والخلاف الوارد فيها كثير جداً، وقد جمعنا فيه كتاباً سميناه بالقول الفصل في أحكام الفصل، وأودعنا معظمه شرح التسهيل من تأليفنا.
سورة المدثر
ست وخمسون آية مكية


الصفحة التالية
Icon