ألا نادت أمامة باحتماليلتحزنني فلا بك ما أبالي قال: فهلا زعمت أن لا التي للقسم زيدت موطئة للنفي بعده ومؤكدة له، وقدرت المقسم عليه المحذوف ههنا منفياً، نحو قولك: ﴿لا أقسم بيوم القيامة﴾، لا تتركون سدى؟ قلت: لو قصروا الأمر على النفي دون الإثبات لكان لهذا القول مساغ، ولكنه لم يقسم. ألا ترى كيف لقي ﴿لا أقسم بهذا البلد﴾ بقوله: ﴿لقد خلقنا الإنسان في كبد﴾، وكذلك ﴿فلا أقسم بمواقع النجوم﴾، ﴿إنه لقرآن كريم﴾؟ ثم قال الزمخشري: وجواب القسم ما دل عليه قوله: ﴿أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه﴾، وهو لتبعثن. انتهى، وهو تقدير النحاس. وقول من قال جواب القسم هو: ﴿أيحسب الإنسان﴾. وما روي عن الحسن أن الجواب: ﴿بلى قادرين﴾، وما قيل أن لا في القسمين لنفيهما، أي لا أقسم على شيء، وأن التقدير: أسألك أيحسب الإنسان؟ أقوال لا تصلح أن يرد بها، بل تطرح ولا يسود بها الورق، ولولا أنهم سردوها في الكتب لم أنبه عليها.
وقرأ الجمهور: ﴿قادرين﴾ بالنصب على الحال من الضمير الذي في الفعل المقدر وهو يجمعها؛ وابن أبي عبلة وابن السميفع: قادرون، أي نحن قادرون. وقيل: ﴿قادرين﴾ منصوب على خبر كان، أي بلى كنا قادرين في الابتداء.
وقال الزمخشري: ﴿بل يريد﴾ عطف على ﴿أيحسب﴾، فيجوز أن يكون قبله استفهاماً، وأن يكون إيجاباً على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر، أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب. انتهى. وهذه التقادير الثلاثة لا تظهر، وهي متكلفة، بل المعنى: الإخبار عن الإنسان من غير إبطال لمضمون الجملة السابقة، وهي نجمعها قادرين.
ومفعول ﴿يريد﴾ محذوف يدل عليه التعليل في ﴿ليفجر﴾.
أمامه: ظرف مكان استعير هنا للزمان.
وقيل: بصيرة مبتدأ محذوف الموصوف، أي عين بصيرة، وعلى نفسه الخبر. والجملة في موضع خبر عن الإنسان، والتقدير عين بصيرة، وإليه ذهب الفراء وأنشد:
كأن على ذي العقل عيناً بصيرةبمقعدة أو منظر هو ناظره


الصفحة التالية
Icon