ويجوز أن يتعلق للطاغين بمرصاداً، ويجوز أن يتعلق بمآبا. ولبثين حال من الطاغين، وأحقاباً نصب على الظرف. وقال الزمخشري: وفيه وجه آخر، وهو أن يكون من حقب عامنا إذا قل مطره وخيره، وحقب إذا أخطأ الرزق فهو حقب، وجمعة أحقاب، فينتصب حالاً عنهم، يعني لبثين فيها حقبين جحدين. وقوله: لايذوقون فيها برداً ولا شراباً﴿سَرَاباً * إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِّلطَّغِينَ مَئَاباً * لَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً * لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً﴾ تفسير له، والاستثناء منقطع، يعني: لا يذوقون فيها برداً ورَوحاً ينفس عنهم حر النار، ولا شراب يسكن من عطشهم، ولكن يذوقون فيها ﴿حميماً وغساقاً﴾.
والذي يظهر أن قوله: ﴿لا يذوقون﴾ كلام مستأنف وليس في موضع الحال، و﴿إلا حميماً﴾ استثناء متصل من قوله: ﴿ولا شراباً﴾، وإن ﴿أحقاباً﴾ منصوب على الظرف حملاً على المشهور من لغة العرب، لا منصوب على الحال على تلك اللغة التي ليست مشهورة.
﴿وفاقاً﴾: أي لأعمالهم وكفرهم، وصف الجزاء بالمصدر لوافق، أو على حذف مضاف، أي ذا وفاق.
وقال الزمخشري: هو مثل قوله: أنبتكم من الأرض نباتاً﴿حِسَاباً * وَكَذَّبُواْ بِئَايَتِنَا كِذَّاباً﴾ يعني: وكذبوا بآياتنا فكذبوا كذاباً، أو تنصبه بكذبوا لا يتضمن معنى كذبوا، لأن كل مكذب بالحق كاذب.
فخرج على أنه جمع كاذب وانتصب على الحال المؤكدة، وعلى أنه مفرد صفة لمصدر، أي تكذيباً كذاباً مفرطاً في التكذيب. وقرأ الجمهور: ﴿وكل شيء﴾ بالنصب: وأبو السمال: بالرفع، وانتصب ﴿كتاباً﴾ على أنه مصدر من معنى ﴿أحصيناه﴾ أي إحصاء، أو يكون ﴿أحصيناه﴾ في معنى كتبناه. والتجوز إما في المصدر وإما في الفعل وذلك لالتقائهما في معنى الضبط، أو على أنه مصدر في موضع الحال.
و﴿حدائق﴾ بدل من ﴿مفازاً﴾ وفوزاً، فيكون أبدل الجرم من المعنى على حذف، أي فوز حدائق، أي بها.