واختلفوا في سجين إذا كان مكاناً اختلافاً مضطرباً حذفنا ذكره. والظاهر أن سجيناً هو كتاب، ولذلك أبدل منه ﴿كتاب مرقوم﴾. وقال عكرمة: سجين عبارة عن الخسار والهوان، كما تقول: بلغ فلان الحضيض إذا صار في غاية الجمود. وقال بعض اللغويين: سجين، نونه بدل من لام، وهو من السجيل، فتلخص من أقوالهم أن سجين نونه أصلية، أو بدل من لام. وإذا كانت أصلية، فاشتقاقه من السجن. وقيل: هو مكان، فيكون ﴿كتاب مرقوم﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي هو كتاب. وعني بالضمير عوده على ﴿كتاب الفجار﴾، أو على ﴿سجين﴾ على حذف، أي هو محل ﴿كتاب مرقوم﴾، و﴿كتاب مرقوم﴾ تفسير له على جهة البدل أو خبر مبتدأ. والضمير المقدر الذي هو عائد على ﴿سجين﴾.
وتبين من الإعراب السابق أن ﴿كتاب مرقوم﴾ بدل أو خبر مبتدأ محذوف. وكان ابن عطية قد قال: إن سجيناً موضع ساجن على قول الجمهور، وعبارة عن الخسار على قول عكرمة، من قال: ﴿كتاب مرقوم﴾. من قال بالقول الأول في سجين، فكتاب مرتفع عنده على خبر إن، والظرف الذي هو ﴿لفي سجين﴾ ملغى. ومن قال في سجين بالقول الثاني، فكتاب مرقوم على خبر ابتداء مضمر التقدير هو ﴿كتاب مرقوم﴾، ويكون هذا الكتاب مفسراً لسجين ما هو. انتهى. فقوله: والظرف الذي هو ﴿لفي سجين﴾ ملغى قول لا يصح، لأن اللام التي في ﴿لفي سجين﴾ داخلة على الخبر، وإذا كانت داخلة على الخبر، فلا إلغاء في الجار والمجرور، بل هو الخبر. ولا جائز أن تكون هذه اللام دخلت في ﴿لفي سجين﴾ على فضلة هي معمولة للخبر أو لصفة الخبر، فيكون الجار والمجرور ملغى لا خبراً، لأن كتاب موصوف بمرقوم فلا يعمل، ولأن مرقوماً الذي هو صفة لكتاب لا يجوز أن تدخل اللام في معموله، ولا يجوز أن يتقدم معموله على الموصوف، فتعين بهذا أن قوله: ﴿لفي سجين﴾ هو خبر إن.