﴿أن رآه استغنى﴾: الفاعل ضمير الإنسان، وضمير المفعول عائد عليه أيضاً، ورأى هنا من رؤية القلب، يجوز أن يتحد فيها الضميران متصلين فتقول: رأيتني صديقك، وفقد وعدم بخلاف غيرها، فلا يجوز: زيد ضربه، وهما ضميرا زيد. وقرأ الجمهور: ﴿أن رآه﴾ بألف بعد الهمزة، وهي لام الفعل؛ وقيل: بخلاف عنه بحذف الألف، وهي رواية ابن مجاهد عنه، قال: وهو غلط لا يجوز، وينبغي أن لا يغلطه، بل يتطلب له وجهاً، وقد حذفت الألف في نحو من هذا، قال:
وصاني العجاج فيما وصني
يريد: وصاني، فحذف الألف، وهي لام الفعل، وقد حذفت في مضارع رأى في قولهم: أصاب الناس جهد ولو تر أهل مكة، وهو حذف لا ينقاس؛ لكن إذا صحت الرواية به وجب قبوله، والقراءات جاءت على لغة العرب قياسها وشاذها.
وقال الزمخشري: فإن قلت: ما متعلق أرأيت﴿الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِى يَنْهَى﴾؟ قلت: ﴿الذي ينهى﴾ مع الجملة الشرطية، وهما في موضع المفعولين. فإن قلت: فأين جواب الشرط؟ قلت: هو محذوف تقديره: ﴿إن كان على الهدى، أو أمر بالتقوى﴾، ﴿ألم يعلم بأن الله يرى﴾، وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني. فإن قلت: فكيف صح أن يكون ﴿ألم يعلم﴾ جواباً للشرط؟ قلت: كما صح في قولك: إن أكرمتك أتكرمني؟ وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه؟ فإن قلت: فما ﴿أرأيت﴾ الثانية وتوسطها بين مفعولي ﴿أرأيت﴾؟ قلت: هي زائدة مكررة للتوكيد، انتهى.


الصفحة التالية
Icon