﴿وما يبث من دابة﴾، أي في غير جنسكم، وهو معطوف على: ﴿وفي خلقكم﴾. ومن أجاز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، أجاز في ﴿وما يبث﴾ أن يكون معطوفاً على الضمير ﴿في خلقكم﴾، وهو مذهب الكوفيين، ويونس، والأخفش؛ وهو الصحيح، واختاره الأستاذ أبو علي الشلوبين. وقال الزمخشري: يقبح العطف عليه، وهذا تفريع على مذهب سيبويه وجمهور البصريين، قال: وكذلك أن أكدوه كرهوا أن يقولوا: مررت بك أنت وزيد. انتهى. وهذا يجيزه الجرمي والزيباري في الكلام.
وقرأ الجمهور: آيات، جمعاً بالرفع فيهما؛ والأعمش، والجحدري، وحمزة، والكسائي، ويعقوب: بالنصب فيهما؛ وزيد بن علي؛ برفعهما على التوحيد. وقرأ أبي، وعبد الله: لآيات فيهما، كالأولى. فأما: آيات لقوم يعقلون﴿الرِّيَاحِ ءّايَتٌ لِّقَوْمٍ﴾ رفعاً ونصباً، فاستدل به وشبهه مما جاء في كلام الأخفش، ومن أخذ بمذهبه على عطف معمولي عاملين بالواو، وهي مسألة فيها أربعة مذاهب، ذكرناها في (كتاب التذييل والتكميل لشرح التهسيل). فأما ما يخص هذه الآية، فمن نصب آيات بالواو عطفت، واختلاف على المجرور بفي قبله وهو: ﴿وفي خلقكم وما يبث﴾، وعطف آيات على آيات، ومن رفع فكذلك، والعاملان أولاهما إن وفي، وثانيهما الابتداء وفي. وقال الزمخشري: أقيمت الواو مقامهما، فعملت الجر، واختلاف الليل والنهار والنصب في آيات، وإذا رفعت والعاملان الابتداء، وفي عملت الرفع للواو ليس بصحيح، لأن الصحيح من المذاهب أن حرف العطف لا يعمل؛ ومن منع العطف على مذهب الأخفش، أضمر حرف الجر فقدر. وفي اختلاف، فالعمل للحرف مضمراً، ونابت الواو مناب عامل واحد؛ ويدل على أن في مقدرة قراءة عبد الله: وفي اختلاف، مصرحاً وحسن حذف في تقدمها في قوله: ﴿وفي خلقكم﴾؛ وخرج أيضاً النصب في آيات على التوكيد لآيات المتقدمة، ولإضمار حرف في وقرىء واختلاف بالرفع على خبر مبتدأ محذوف، أي هي آيات ولإضمار حرف أيضاً.