ولتجزي﴿وَمَمَتُهُمْ سَآءَ مَا﴾: هي لام كي معطوفة على بالحق، لأن كلاًّ من التاء واللام يكونان للتعليل، فكان الخلق معللاً بالجزاء. وقال الزمخشري: أو على معلل محذوف تقديره: ليدل بها على قدرته، ﴿ولتجزى كل نفس﴾. وقال ابن عطية: ويحتمل أن تكون لام الصيرورة.
وأفرأيت: هو بمعنى أخبرني، والمفعول الأول هو: من اتخذ﴿يُظْلَمُونَ * أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ﴾، والثاني محذوف تقديره بعد الصلاة التي لمن اهتدى.
أي ما تكون حجتهم، لأن إذا للاستقبال، وخالفت أدوات الشرط بأن جوابها إذا كان منفياً بما، لم تدخل الفاء، بخلاف أدوات الشرط، فلا بد من الفاء. تقول: إن تزرنا فما جفوتنا، أي فما تجفونا. وفي كون الجواب منفياً بما، دليل على ما اخترناه من أن جواب إذا لا يعمل فيها، لأن ما بعد ما النافية لا يعمل فيما قبلها.
ائتوا﴿بَيِّنَتٍ مَّا كَانَ﴾: يظهر أنه خطاب للرسول والمؤمنين، إذ هم قائلون بمقالته، أو هو خطاب له ولمن جاء بالبعث، وهم الأنبياء، وغلب الخطاب على الغيبة. وقال ابن عطية: إئتوا، من حيث المخاطبة له؛ والمراد: هو وإلهه والملك الوسيط الذي ذكره هو لهم؛ فجاء من ذلك جملة قيل لها إئتوا وإن كنتم. انتهى. ولما اعترفوا بأنهم ما يهلكهم إلا الدهر، وأنهم استدلوا على إنكار البعث بما لا دليل لهم فيه من سؤال إحياء آبائهم، ردّ الله تعالى عليهم بأنه تعالى هو المحيي، وهو المميت لا الدهر، وضم إلى ذلك آية جامعة للحساب يوم البعث، وهذا واجب الاعتراف به إن أنصفوا، ومن قدر على هذا قدر على الإتيان بآبائهم.


الصفحة التالية
Icon