وقال الزمخشري: ﴿فلما رأوه﴾، في الضمير وجهان: أن يرجع إلى ما تعدنا، وأن يكون مبهماً، قد وضح أمره بقوله: ﴿عارضاً﴾، إما تمييز وإما حال، وهذا الوجه أعرب وأفصح. انتهى. وهذا الذي ذكر أنه أعرب وأفصح ليس جارياً على ما ذكره النحاة، لأن المبهم الذي يفسره ويوضحه التمييز لا يكون إلا في باب رب، نحو: رب رجلاً لقيته، وفي باب نعم وبئس على مذهب البصريين، نحو: نعم رجلاً زيد، وبئس غلاماً عمرو. وأما أن الحال يوضح المبهم ويفسره، فلا نعلم أحداً ذهب إليه، وقد حضر النحاة المضمر الذي يفسره ما بعده، فلم يذكروا فيه مفعول رأي إذا كان ضميراً، ولا أن الحال يفسر الضمير ويوضحه.
﴿ريح﴾: أي هي ريح بدل من هو.
وإن نافية، أي في الذي ما مكناهم فيه.
وقيل: إن شرطية محذوفة الجواب، والتقدير: إن مكناكما فيه طغيتم. وقيل: إن زائدة بعدما الموصولة تشبيهاً بما النافية وما التوقيتية، فهي في الآية كهي في قوله:
يرجى المرء ما إن لا يراهوتعرض دون أدناه الخطوب
أي مكناهم في مثل الذي مكناكم، فيه، وكونها نافية هو الوجه، لأن القرآن يدل عليه في مواضع كقوله: كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثاراً﴿الْمُجْرِمِينَ * وَلَقَدْ مَكَّنَهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَى عَنْهُمْ﴾، وقوله: ﴿هم أحسن أثاثاً ورئياً﴾.
وقيل: ما استفهام بمعنى التقرير، وهو بعيد كقوله: ﴿من شيء﴾، إذ يصير التقدير: أي شيء مما ذكر أغنى عنهم من شيء، فتكون من زيدت في الموجب، وهو لا يجوز على الصحيح، والعامل في إذ أغنى. ويظهر فيها معنى التعليل لو قلت: أكرمت زيداً لإحسانه إليّ، أو إذ أحسن إليّ. استويا في الوقت، وفهم من إذ ما فهم من لام التعليل، وإن إكرامك إياه في وقت إحسانه إليك، إنما كان لوجود إحسانه لك فيه.