أثور ما أصيدكم أو ثورينأم تيكم الجماء ذاب القرنين وقيل: هو نعت لمصدر محذوف تقديره: إنه لحق حقاً مثل ما أنكم، فحركته حركة إعراب. وقيل: انتصب على أنه حال من الضمير المستكن في ﴿لحق﴾. وقيل: حال من لحق، وإن كان نكرة، فقد أجاز ذلك الجرمي وسيبويه في مواضع من كتابه.
وما زائدة بنص الخليل، ولا يحفظ حذفها، فتقول: ذا حق كأنك ههنا، والكوفيون يجعلون مثلاً محلى، فينصبونه على الظرف، ويجيزون زيد مثلك بالنصب، فعلى مذهبهم يجوز أن تكون مثل فيها منصوباً على الظرف، واستدلالهم والرد عليهم مذكور في النحو.
وإذ معمولة للمكرمين إذا كانت صفة حادثة بفعل إبراهيم، وإلا فبما في ضيف من معنى لفعل، أو بإضمار اذكر، وهذه أقوال منقولة. وقرأ الجمهور: قالوا سلاماً، بالنصب على المصدر الساد مسد فعله المستغنى به.
قال سلام﴿لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ * هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلَماً﴾ بالرفع، وهو مبتدأ محذوف الخبر تقديره: عليكم سلام. قصد أن يجيبهم بأحسن مما حيوه أخذاً بأدب الله تعالى، إذ سلاماً دعاء. وجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي أمري سلام، وسلام جملة خبرية قد تحصل مضمونها ووقع. وقال ابن عطية: ويتجه أن يعمل في سلاماً قالوا، على أن يجعل سلاماً في معنى قولاً، ويكون المعنى حينئذ: أنهم قالوا تحية؛ وقولاً معناه سلاماً.
والظاهر أن قوله: ﴿وفي موسى﴾ معطوف على ﴿وتركنا فيها﴾: أي في قصة موسى. وقال الزمخشري وابن عطية: ﴿وفي موسى﴾ يكون عطفاً على ﴿وفي الأرض آيات للموقنين﴾. ﴿وفي موسى﴾، وهذا بعيد جدًّا، ينزه القرآن عن مثله. وقال الزمخشري أيضاً: أو على قوله، ﴿وتركنا فيها آية﴾، على معنى: وجعلنا في موسى آية، كقوله:
علفتها تبيناً وماء بارداً
انتهى، ولا حاجة إلى إضمار ﴿وتركنا﴾، لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور ﴿وتركنا﴾.


الصفحة التالية
Icon